مطلوب وزير يقرأ
عتذرت شركة المشروعات السياحية بلباقة عن التصدّي لمأساة خلو منطقة المباركية السياحية من أي مراحيض لائقة، أو حتى نصف لائقة، بحجة أن الموضوع ليس ضمن اختصاصاتها. واستدركت، في كتاب قامت بإرساله إلى القبس، ردّا على مقالنا ومناشدتنا لها بالقيام بتغطية هذا النقص المخجل الذي يشكو منه مرفق سياحي مهم في قلب عاصمة، والمستمر منذ تأسيسها حتى اليوم. وأضافت الشركة انها في المراحل النهائية تقريبا للتعاقد على شراء حمّامات ذاتية الخدمة، أي التي لا تحتاج مَن يقوم بالعناية بها، مع مؤسسة عالمية قامت بتطوير هذا النوع من الحمامات للهند، التي تشكو عشرات آلاف مدنها من نقص حاد وخطير في عدد الحمامات العمومية، ولكن حمامات الشركة ستكون مقتصرة على المناطق التي تقع بها أنشطتها، والمباركية ليست من بينها، وهذا صحيح. كما لم تصل اتصالاتي مع شركة المرافق العمومية الى نتيجة مُرضية، حيث أخبرني أحد كبار مسؤوليها أن الشركة معنية بوضع حمامات في المرافق التي تديرها حاليا، كمواقف السيارات، وأن أسواق المباركية، أو قلب العاصمة، ليست من اختصاصها، وأن «البلدية» هي المعنية بالأمر. كما قام أكثر من طرف، ومنهم الصديق القارئ سعود العرفج بالاتصال وإبداء استعدادهم لوضع مئات الحمامات الذاتية التنظيف، على حسابهم، والعناية بها، شريطة قيام «بلدية» الكويت، او أي جهة أخرى، بتحديد الأماكن المناسبة لها، وتزويدها بالكهرباء والماء. المسألة في غاية الأهمية للجميع، خاصة للسيدات، فالكثيرات يمتنعن عن الذهاب الى منطقة الأسواق، بسبب النقص الشديد في هذه الخدمة الضرورية. كما تعرَّض الكثيرون للحرج بعد قيامهم باصطحاب ضيوفهم الأجانب الى تلك المناطق الجميلة التي تستحق الزيارة ليفاجأ الجميع تقريبا بعدم وجود حتى مغسلة نظيفة لغسل الأيدي! ألا يشكّل ذلك كارثة أخلاقية ومدنية وحضارية كاملة؟ كيف يمكن لدولة أنفقت 270 مليون دينار لإنشاء مركز جابر الأحمد الثقافي على أطراف العاصمة، وتجاهلت صرف 1 في الألف من ذلك المبلغ لبناء حمامات نظيفة في قلب العاصمة؟ وكيف بنينا عدداً من أروع متاحف العالم خارج العاصمة وزوّدناها بأفضل الحمامات ونسينا قلب العاصمة؟ وكيف صرفنا عشرات ملايين الدنانير على بناء حلبة سباق سيارات في قلب الصحراء، وزوّدناها بعشرات الحمامات، وتجاهلنا حمامات قلب الدولة؟ لست ضد هذه المشاريع الحضارية بالطبع، ولكن كيف تناسى مختلف الحكومات، وعلى مدى عقود متعددة، هذا الموضوع وهذا النقص الشديد في خدمة ضرورية. أعتقد أن وزيرا واحدا على الأقل يقرأ هذه الزاوية صباحا، قبل اتجاهه لاجتماعات مجلس الوزراء. فلماذا لا يتحرك هذا الوزير، أو الوزيرة، ويقوم بطرح هذا الموضوع على بند ما يستجد من أعمال، أو على الأقل الهمس في أذن سمو الرئيس بموضوع مقالنا؟ أليس من المخجل استمرار هذا الوضع من دون أن يكلِّف أحد نفسه مسؤولية وضع حل لهذه السبّة الحضارية؟
أحمد الصراف