خطر غدير الحقيقي
تدير «جمعية صندوق إعانة المرضى» المئات من مراكز الخدمة في مختلف المستشفيات والمراكز الطبية، وتقوم من خلالها بأداء ثلاثة أنشطة تجارية مربحة جداً، بسبب ارتفاع أسعار ما يباع فيها، ويشمل ذلك بيع الزهور والهدايا وإدارة المقاهي والمطاعم، ودور الحضانة، وغير ذلك. وتبرر الجمعية الارتفاع الهائل في أسعار منتجاتها وخدماتها بأن ما تحققه من ربح يذهب لإعانة المرضى. ولكن الفضيحة التي قام النائب الفاضل «أحمد الفضل» بتفجيرها في مجلس الأمة، والتي تعلقت بتلزيم أو تضمين عدد لا يستهان به من هذه المحال أو المقاهي لشركات يملكها نواب، ومنهم النائب «عادل الدمخي»، الذي سبق أن تطرقنا إلى علاقته بالأمر، وتصريحه بأنه أنهى أو سينهي عقود الإدارة التي حصل عليها من خلال شركته، أسقطت حجة الجمعية في ارتفاع أسعار منتجاتها أو خدماتها، لأن المستفيد من هذا الارتفاع ليست الجمعية، التي ربما حصلت على مبالغ رمزية مقابل تلزيم حق إدارة، بل للنواب الذين حصلوا على حقوق الاستغلال، والذين سيكونون، عند الحاجة، خير مدافعين عن جمعية إعانة المرضى. وسبق أن طالبنا الجمعية بنفي هذا الكلام، إلا أنها رفضت الرد، والتزمت الصمت. وفي جانب آخر، سبق أن قام النائب «عادل الدمخي»، عندما كان رئيساً لجمعية تعنى بحقوق الإنسان، برفض طلب جماعة «البهرة» بناء مسجد لأداء صلواتهم فيه! ولا أدري كيف يتسق اسم جمعية إنسانية مع رفض طلب بناء مسجد؟ وفي جانب ثالث، تبين، ومن واقع نص إجابة وزيرة الشؤون هند الصبيح، على سؤال برلماني سبق أن تقدم به النائب البارز «أحمد الفضل»، أن الجمعيات الخيرية في الكويت، واثنتين منها بالتحديد، نجحت في جمع أكثر من مليارين ونصف المليار دولار في صورة تبرعات خلال السنوات القليلة الماضية، وهذه الجمعيات تتبع في أغلبيتها الساحقة أحزاباً دينية. ولو صرفت هذه الأموال داخل الكويت، لقضت على كل أشكال الفقر والعوز التي تعاني منها فئات كبيرة من المجتمع، فأين ذهبت تلك الأموال؟ من كل ذلك ربما جاء اختيار سمو رئيس الوزراء للسيدة «غدير أسيري» لتعمل معه، وتتولى حقيبة وزارة الشؤون بالذات، وكان ذلك التكليف المفاجئ كفيلاً بإدخال الرعب على قلوب نواطير الجمعيات وقوى الظلام، فسعت جاهدة لتلطيخ طريق السيدة الوزيرة، ومضايقتها بنبش تغريداتها، ودفعها إلى الاستقالة، أو إحراج رئيس الوزراء لكي يعفيها من منصبها، ولكن تبين أن قوة شكيمة الوزيرة أسيري، وتأييد الرئيس لها، أفشلا مخططات هؤلاء، الذين أجزم أنهم ما كانوا سيعترضون على توزيرها لو كانت مكلفة بحقيبة أي وزارة أخرى، وبالتالي كان لا بد لجبلهم أن يتمخض عن شيء ما، فكانت النتيجة أنه تمخض عن فأر مشوه تمثل في أسخف استجواب في تاريخ الكويت النيابي.
أحمد الصراف