السد الثلاثي النسائي
تقوم ثلاث سيدات فاضلات، أم عبدالعزيز، وزيرة الشؤون، وأم لولوة، الوكيلة المساعدة للتنمية الاجتماعية، وأم يوسف، مديرة إدارة الجمعيات، بمواجهة عتاة ممثلي الجمعيات الخيرية، وبالذات المسيسة، التي طالما كانت لها اليد الطولى في تسيير الوزارة، بدلا من أن تُسيرها، بحسب الأنظمة. وبالرغم مما يبدو من احترام ممثلي هذه الجمعيات وتوقيرهم للسيدات الثلاث، فإن مواقف معظمهم من المرأة وعملها وخروجها من البيت معروفة ولا تحتاج للشرح، ولكنها الوصولية والتقية! الاختلافات الموسمية بين أجهزة الرقابة في الشؤون وبين بعض الجمعيات ليست جديدة والجمعيات تشعر برياح التغيير القادمة، ما يشبه التغير في المعاملة، خاصة بعد أن كلفت الوزارة ممثلا عن «هيئة النزاهة» لمراقبة حملة «فزعة للكويت»، ربما لشكها في نوايا بعض القائمين عليها، وهذه سابقة، فهل سيكلف ديوان السبيل، أو اتحاد الجمعيات الخيرية، أحدا من المدافعين عنه لرفع قضية على الوزارة لتشكيكها في ذمة القائمين على حملة «فزعة للكويت»؟ علما بأن ملايين الحملة التسعة صرفت بطريقة غير واضحة، وأثارت جدلا في الصحف، وهذا موضوع مقال قادم. كما أصدرت وكيلة الشؤون المساعدة بيانا ذكرت فيه أن مراقبيها رصدوا ١٤٧ مخالفة «جمع تبرعات» منذ بداية شهر رمضان، وأن فريق التفتيش التابع لإدارة الجمعيات الخيرية رصد ١٢٦ كشكا مخالفا لجمع التبرعات. كما رصد الفريق إعلانات جمع تبرعات من دون ترخيص، وعدم قيام بعض الجمعيات بوضع عبارة «يمنع الجمع النقدي» على إعلاناتها، وغير ذلك. ونكرر، مع الأستاذ والزميل بسام العسعوسي، طرح السؤال نفسه ثانية: هل سيقوم هنا أيضا اتحاد الجمعيات، أو ديوان السبيل، بمقاضاة الوكيلة لأنها أساءت بتصريحها للجمعيات «الخيرية»، ولسمعة بعض كبار «أشرافها»؟ كما نتساءل مع الزميل المحترم العسعوسي: كيف سمحت الجمعيات المخالفة لنفسها أن تمارس الغش والخداع وعدم اتباع التعليمات واللوائح في جمع الأموال، وفي شهر العبادة بالذات؟ والجواب يكمن في أن حجم ما تحصل عليه بعض الجمعيات في مثل هذه المناسبات كبير ويستحق التضحية بالسمعة وتلقي التحذير وراء الآخر، والذي عادة ما ينتهي بالاعتذار وتوقيع تعهد من الشخص «ألف» بعدم تكرار المخالفة ليقوم الشخص «ب» في السنة التالية بتكرارها. إن هدفنا هو تنقية العمل الخيري، فنحن جزء منه، ولا يعقل ان نسعى للتشكيك فيه. اما ما أصبحنا نراه من تصرفات ومخالفات، فلا يجوز السكوت عنها، والأولى بالمحامين الأفاضل الذين تطوعوا للدفاع عن بعض الجمعيات الخيرية الوقوف معنا في مطالبتها بتقبل النقد البناء، بغية إبعاد الطارئين والمتربحين عن هذا النشاط. وأخيرا، كنا نعتقد أنها «سقطة» عندما صرح خالد الصبيحي، وهو رئيس جمعية خيرية تطوع أو كلف بالقيام بمهمة الرد على «المشككين» بالعمل الخيري، عندما قال: كلما زاد التشكيك بالجمعيات زادت الثقة بها وزادت التبرعات! ولكن توقعنا لم يكن صحيحا، فقد غرد نايف العجمي، وزير الأوقاف السابق، الذي أصبح يفتي ويدلي برأيه في كل أمر، قائلا: بأن التشكيك في الذمم (أو العمل الخيري) لن يزيد الناس إلا حبا وثقة في القائمين عليها! فإذا كان هذا هو الوضع، فما هي بالضبط مهمة جيش المحامين الذين تبرعوا للدفاع عن الجمعيات ضد المشككين فيها، إن كانت فائدة التشكيك أكبر من عدمها؟
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw