تونس غير.. بس إحنا شكو؟
شئنا أم ابينا، تونس هي البلد العربي الوحيد المميز بديموقراطيته الأقرب للديموقراطيات الغربية، والثالثة إسلاميا في نظامها المميز بعد ماليزيا وتركيا! كما أن وضع المرأة فيها، من ناحية حقوقها، أفضل بكثير من كل الدول الإسلامية، عدا تركيا، ولو أنها بحاجة للمزيد من الإصلاحات في قوانين الأحوال الشخصية. وحدث كل ذلك بفضل «بورقيبة»، وحدث ما يماثله في عشرات الدول الناجحة الأخرى كأتاتورك في تركيا، ولي كوان يو في سنغافورة، وغيرهما. جهود الإخوان المسلمين لاستعادة حظوتهم فيها لم تتوقف، ويجب الاعتراف بأن براغماتية «راشد الغنوشي»، رئيس البرلمان، سهلت من تعايش الليبراليين والإخوان حتى الآن، ولكن غير معروف لمن ستكون الغلبة، وسيكون مصير تونس بائسا إن كانت للإخوان، حينها ستتحول لدولة فاشلة. فتطوير التعليم ليس في أجندة الإخوان ولم يكن، ولا الاهتمام بالعلوم ولا تنمية موارد الدولة، بل أقصى همومهم حجاب المرأة وشعرها وكيفية التحكم بها، وإرجاعها قرونا إلى الوراء، خاصة أنهم لا يفقهون في الاقتصاد ولا يعترفون بالحقوق المدنية، ويعادون الحريات بطبيعتهم، فماذا تبقى من تونس التي نحبها؟ إن وضع الإخوان في تونس مقلق وشعبية الغنوشي في انحدار، وهو من المؤمنين بمبادئ التنظيم العالمي للإخوان، الذي يسعى لإعادة الخلافة الإسلامية، وجهوده كفيلة بالقضاء على أي تقدم سياسي ضحى «التوانسة» من أجله بالكثير، وكان دور المرأة هو الأبرز، فهي التي أعاقت وصول مرشح الإخوان لرئاسة الجمهورية، بعد سقوط بن علي، ودعمت في حينها «الباجي قائد السبسي». إن الخوف من فشل ثورة الياسمين ماثل بقوة، ومعارضة الغنوشي داخل البرلمان تتزايد، وبالتالي كان لافتا تلقيه دعوة لزيارة الكويت في هذه الظروف الصحية، التي يتجنب فيها كل زعماء العالم وسياسييه الالتقاء وجها لوجه. وحيث ان علاقتنا بتونس لا هي بالحارة ولا الباردة، ولا مصالح كبيرة بيننا ولا عداوات قاتلة، فإن الزيارة غير مبررة من جميع النواحي، ونحن في أوج انشغالنا بالتصدي للكورونا، والحياة لم تعد لطبيعتها أصلا، فكيف سيتم استقباله والحفاوة به؟!، والكل يتحاشى الكل! الحقيقة انها مسألة تدعو للرثاء وربما للضحك. ويصبح الأمر مدعاة للاستغراب عندما نعرف حقيقة مواقف راشد الغنوشي من الاحتلال الصدامي لوطننا، فقد كان من كبار مؤيدي «الاجتياح»، وله خطب نارية في مهاجمة دخول القوات الدولية والأميركية لتحرير الكويت، ولم يصدر عنه يوما أي اعتذار عن خطير موقفه من قضية التحرير، حتى زملاؤه في حزب إخوان تونس، عابوا عليه وقوفه بالكامل مع صدام. نكرر تساؤلنا: إذا كانت علاقتنا بتونس عادية جدا، وليس بيننا وبينها مصالح تذكر، ولا عداوة تنشر، والظروف الصحية صعبة جدا، فما المبرر من وراء هذه الدعوة «الآن» ولهذه الشخصية المثيرة للجدل «بالذات»؟
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw