ماذا حدث لباكستان؟
يقول محمد إقبال، شاعر باكستان الكبير: له نقشٌ يجدَّدُ كل حين فلا تبقى الحياة على غرار فإن صوَّرت يومك مثل أمس فما يحوي ترابُك من شرار
***
استقلت الهند عن بريطانيا عام 1947، وانقسمت إلى الهند وباكستان في الليلة نفسها من يوم 15 أغسطس. شمل التقسيم الجيش والبحرية والخدمة المدنية والسكك الحديدية، والخزانة المركزية، وأدى التقسيم إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص من بيوتهم وأعمالهم للجانب الآخر، على أسس دينية. خلق ذلك أزمات هائلة ومذابح وحرق وإتلاف ممتلكات بالمليارات. وكان للمهراجات، أو ملوك المناطق، دور خطير في التطهير العرقي، خصوصاً للمسلمين في الولايات السيخية الحكم. وتم التقسيم على أساس ترك الخيار للمهراجا لأن ينضم للهند أو لباكستان، ولكن مهراجا جامو وكشمير السيخي تأخر في إبداء رغبته، فشجع ذلك القوات الباكستانية للدخول وضمها عنوة لها، فاضطر هذا لطلب مساعدة الهند لوقف التقدم الباكستاني مقابل انضمامه للهند، وكان له ما أراد. كانت تلك بداية مصاعب باكستان من 1947 وحتى اليوم، حيث تسببت في وقوع أربع حروب مع الهند، أنهكتها مع استمرار مطالبتها بكشمير وما جاورها، وكانت على استعداد لتقبل أي شيء لتعزيز قدراتها الحربية. كما أنهكت الانقلابات العسكرية الدولة الفتية وفساد الطغمة الحاكمة، وهذا ما لم تعرفه الهند التي بقيت مستقرة سياسياً ومتقدمة صناعياً.
***
لم تخرب أموال البترودولار دولة في العالم كما خربت باكستان، والتي أصبحت، أو تم اختيارها، لتكون رأس الحربة في محاربة النفوذ السوفيتي المتعاظم في المنطقة بعد احتلالهم لأفغانستان، وبعد أن تبين أن الوسيلة الوحيدة لإنهاك السوفيت تكمن في استخدام الدين. وبالرغم من المساعدات العسكرية والمادية الهائلة التي حصلت عليها باكستان من أميركا وبعض الدول العربية المحافظة، فإن أغلبيتها انتهت لأيدي وجيوب زعماء القبائل وجنرالات الحرب.
***
شكّل وصول عمران خان قبل سنتين لرئاسة الوزارة الباكستانية نقطة تحول في تاريخ هذه الدولة الفتية، فلأول مرة يأتي رئيس وزراء بمثل قدراته وخلفيته الدراسية والمدنية وانفتاحه، وربما ينجح في تغيير وضع باكستان للأفضل بعد أن كانت بؤرة تصدير للإرهاب والعنف والتطرف الديني للعالم. وبالرغم من اختلاطي المستمر بأعضاء السلك الدبلوماسي في الكويت، قبل الجائحة، فإنني نادرا ما التقيت بالسفير الباكستاني، خصوصاً في الحفلات الدبلوماسية العائلية. وبالتالي كان لافتا للانتباه ظهور السفير الباكستاني الجديد في الكويت سيد سجاد حيدر في لقاءات السفراء، وملاحظة نشاطه الدبلوماسي والإعلامي لتحسين صورة بلاده. كما كان لافتا للنظر تولي حرم السفير الباكستاني رئاسة «مجموعة المرأة الدولية» (iwg) المرموقة، التي تأسست قبل 30 عاماً في الكويت، النادي الاجتماعي لزوجات السفراء في الكويت، وهي الجهة التي لم تكن تقترب منها زوجات سفراء باكستان السابقين فكيف بتولي رئاستها. نرحب بباكستان الجديدة، وبسفيرها وحرمه، ونتمنى أن يكون لباكستان دور أكثر تحضراً وإنسانية في المجتمع الدولي.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw