«جيتي».. وأبراج الكويت
يعتبر j.paul getty، أو «جيتي»، الذي يصعب كتابة اسمه الأول من دون الإساءة له لعدم توافر حرف الـp في «العربية»، يعتبر واحداً من أكثر رجال النفط نجاحًا في أميركا، وكان لفترة الأغنى في العالم. وُلد جيتي عام 1892 ودرس في «أكسفورد»، وعمل مع والده في حقول النفط قبل أن يستقل بعمله ويحقق أول مليون وهو في الـ24. كان جيتي مزواجاً، وسبق أن التقيت عام 1986 مصادفة في لندن سكرتيرته ، وكانت حينها في السبعين. حقق جيتي ثروته خلال سنوت الكساد الكبير، عندما اشترى أصول عدد من شركات النفط، وفندقاً في مانهاتن.
***
جاءت غالبية ثروة جيتي من استثمار قام به عام 1949 عندما حصل على عقد تنقيب عن النفط لستين عاماً من الملك ابن سعود في المنطقة بين الكويت والمملكة، مقابل دفع 9 ملايين دولار مقدمًا ومليون دولار سنويًا. بعد أربع سنوات وصرف 18 مليون دولار، عثر جيتي على النفط. وبحلول عام 1957 بلغت ثروته مليار دولار. ومن هنا بدأ اهتمامه بالفنون والتراث العالمي، حيث فضل عدم تبديد ثروته على الإعانات المالية للفقراء، وأصبح جامعًا فنيًا جادًا للآثار الفنية منذ الثلاثينيات، وتمتع مع الوقت بإلمام كبير بتاريخ الفن والنقد، وساعده في ذلك إلمامه الجيد بـ«الألمانية» و«الفرنسية» و«الإيطالية». كما كان يتكلم «العربية» و«اليونانية» و«الروسية» و«الأسبانية» بشكل مقبول. وكان قادرًا على قراءة «اللاتينية» و«اليونانية» القديمة. كما كان منضبطًا في اقتناء مجموعته، حيث اقتصر إلى حد كبير على فئات قليلة كالأعمال الرخامية والبرونز اليوناني والروماني، إضافة للوحات عصر النهضة، والسجاد الفارسي من القرن السادس عشر، إضافة للأثاث والمفروشات الفرنسية من القرن الثامن عشر. كما امتلك ثلاث قطع من رخام «إلجين» وحصل على المنحوت الروماني «لانسداون هيراكليس»، الذي يعود للقرن الأول الميلادي. عرض جيتي بعض أعماله الفنية في قصره في كاليفورنيا، لكن في عام 1968 قرر وضعها في متحف دائم، يدخله الزوار مجاناً. وتوفى عام 1976، تاركا أفضل متحف خاص في العالم.
***
تبعه ابنه وافتتح متحفاً آخر في لوس انجلوس، بتكلفة 1.3 مليار دولار، ضم مقتنيات غير أثرية إضافة لمكتبة أبحاث ومختبرات للحفظ وحدائق ومرافق تعليمية.
***
مناسبة الحديث عن هذا الرجل الفذ تعود لقرار «مؤسسة جيتي» الخاصة بالحفاظ على التراث المعماري للقرن العشرين، التبرع بمنحة مالية لصيانة الأطباق، أو الصفائح المعدنية التي تغطي الهيكل الكروي لأبراج الكويت، أحد المعالم السياحية العالمية المميزة، التي صممها المهندس المعماري الدنماركي ماليني بيورن عام 1968. وذكر الأمين العام للمجلس كامل العبدالجليل أن 90 طلباً تم تقديمها لوقف «جيتي» ولم يفز منها سوى 13 بالمنحة السخية، وأحدها أبراج الكويت. ويذكر أن تصميم الأبراج سبق أن حصل على جائزة الآغاخان للعمارة عام 1980 لأنها تمثل تصميمًا مميزًا ورمزًا لحداثة الكويت.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw