في المزارات والنظافات 1 من 2
حاول هتلر، عندما كانت ألمانيا في أوج قوتها العسكرية والاقتصادية، وكانت الدولة الأعظم في حينه، حاول، ولأسباب تتعلق بأوهام سيادة العرق الآري على غيره، حاول وضع ألمانيا فوق الجميع، كما كان، أو لا يزال، يقول نشيدهم الوطني! وتطلب ذلك من هتلر التخلص، ولو حرقا، من الأجناس الوضيعة ضمن شعبه! وقد ورد على لسان الكاتب الفلسطيني، ناصر الدين النشاشيبي، في أحد كتبه، أنه عندما زار ألمانيا بعد انتهاء الحرب بسنوات، مر على بعض من أثر ذلك الرجل الذي وضعنا، اي العرب، في الدرك الــ14 بين شعوب العالم، ولا يأتي بعدنا غير اليهود والسود! وبالرغم من ألمانيا وصلت لقمة تقدمها التقني والمالي والصناعي في جميع المجالات، وكان هذا يتيح لها تبوؤ مكانة عالية بين بقية أمم الأرض، إلا أن أحلام العظمة التافهة التي غزت مخيلة الزعيم النازي تسببت في توريط شعبه ووطنه في حروب عبثية طالت العالم أجمع. وقد كانت الآلة العسكرية الألمانية واجهزة الغستابو السرية وغيرها، هي الأكثر قوة وعنفا في التاريخ. وعندما قرر هتلر إفناء اليهود عن بكرة أبيهم أعد لهم محارق عدة (الهولوكست) ساق لها قسرا الملايين منهم، ولم توفر أو ترحم أجهزته أحدا إلا من كان بإمكانه تقديم خدمة علمية للنظام النازي! ولكن مع كل البطش والقتل الجماعي الذي مارسه هتلر، وقلة عدد اليهود النسبي في ألمانيا واوروبا، إلا ان جهود إفنائهم فشلت في النهاية، وحدث ذلك في ظل غياب تام لأي منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان أو أي مواثيق ومعاهدات تضمن حقوق الأقليات. وعليه يمكن الاستنتاج، بعد كل التطور الكبير في قضايا حقوق الإنسان، وحق كل شعب او اقلية في العيش بالطريقة التي تراها مناسبة، فإن من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل، القضاء على أي جماعة أو إفناء اي فئة أو اقلية، إثنية، دينية أو مذهبية أو جنسية، بشكل تام، فالمجتمع الدولي لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي، إلى الأبد، ازاء مثل هذه الأحداث، وقد رأينا كيف تدخل الغرب لإفشال محاولات الصرب إفناء المسلمين في البوسنة وكوسوفو، ومحاولة قبائل الهوتو إفناء التوتسي والعكس، وغيرها الكثير، ولا ننسى ما قام به أتراك أواخر دولة بني عثمان من قتل وتنكيل بأكثر من مليون ارمني، وما فعلته عصابات الكتائب في مخيمات صبرا وشاتيلا، وجرائم العصابات الصهيونية في القرى والمدن الفلسطينية، ومع هذا فشل جميع هؤلاء في القضاء التام على أي من مناوئيهم الذين خرجوا من محنهم وما ارتكب بحقهم من مجازر جماعية أقوى مما كانوا عليه قبلها، فقد عاد اليهود مثلا، واذاقوا الألمان طعم الهزيمة المر وأجبروهم على دفع تعويضات ضخمة لضحايا مجازرهم!
نعود لقضايا المنطقة ونقول ان كل دعوات التكفير والمطالبات بمنع أو تحريم قيام اي مجموعة بإقامة ما تريد من شعائر، والتهديد بتكفيرها إن أصرت على أفعالها لن ينتج عنها غير دمار الطرف المطالب بالتدمير في نهاية الأمر، وما على المطالبين بمثل هذا اللغو غير قراءة أحداث التاريخ، ولكن المشكلة أن هؤلاء لا يقرأون اصلا. وللموضوع بقية.