السمّاري وطائر الفينيق
السمّاري كلمة كويتية تعني الانجراف drifting، أي فقد القدرة على التحكم بوضع ما كقارب تتقاذفه الأمواج والرياح، ولا قدرة لمن فيه على التحكم باتجاهه.
***
نعيش منذ نصف قرن أو أكثر في حالة قريبة من السمّاري، أو هذا ما يشعر به المراقب للوضع السياسي العام. كما أننا اقتصادياً نعيش منذ أكثر من نصف قرن في حالة «خبزنا كفاف يومنا»، أو hand to mouth، أي نستخرج النفط، ونصرف ريعه على حاجاتنا، والأصح «على كمالياتنا»، من دون تفكير في إيجاد بديل لموردنا الوحيد، أو على الأقل ترشيد نفقاتنا، وكأن النفط باق للأبد، والحاجة له لن تنتهي يوماً. فتصرفاتنا المالية، يوم كان سعر برميل النفط فوق المئة دولار بكثير، هي نفسها مع سعر البرميل نصف ذلك السعر!
وبالرغم من أن الحكومة «الرشيدة» قامت خلال نصف القرن الماضي بوضع العديد من الخطط الخمسية والعشرية، الاقتصادية غالباً، فإن شيئاً منها لم ينفذ بطريقة صحيحة، وما نُفذ لم يراجع ولم يحاسب من وضع أرقامها، ولم تتم إعادة النظر في أي منها، وهذه حالة السمّاري «التي تعيشها الدولة»!
كما لم نمتلك يوماً خطة أو رؤية مستقبلية للقطاع الأهم وهو التعليم. فقد كان لدينا مثلاً قبل 70 عاماً معهد صناعي، ومنذ يومها صرفت الدولة المليارات عليه، واليوم ليس لدينا نجار أو ميكانيكي كويتي واحد، ومستمرون في صرف مليارات أكثر عليه وعلى التعليم الديني، ونحن نعرف مسبقاً أنها أموال ضائعة، أو ماء نسكبه على رمال ساخنة!
***
أما الوضع الاقتصادي، فحدث ولا حرج. فالحلول موجودة ومعروفة وقابلة للتطبيق. كما أن الحلول السياسية والإدارية كثيرة ومتوافرة، غير أنه لا أحد، كما يبدو، يعلم السبب وراء هذا الإصرار على وضعنا «السمّاري»!
بالرغم من هذا الوضع المرير أو الحزين، الأقرب للميؤوس منه، فإن الأمل يبقى، على ضآلته، في أن ينهض طائر الفينيق ويحول الحزن لفرح، ويضع حداً لهذا التسيب والتردد الواضحين في اتخاذ القرار، فقد سئمنا من غياب الحسم، ومن حالة السمّاري، ومن كل هذا التطاول الأجوف على كل ما نحب ونحترم، فهل من مجيب؟
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw