كلمات من القلب والعقل
هذه كلمات صادرة من العقل والقلب معاً، تأتي في ظروف صعبة، وهي نتاج تجارب وخبرة طويلة في الحياة، كانت في أغلبيتها ثرية وممتعة، مبكية ومضحكة، وذات ألوان جميلة وزاهية، وأخرى شديدة السواد، وما كان لكل أحلامي أن تتحقق لولا وجودي في هذا الوطن، معززاً مكرماً، وما كان لهذه الكرامة أن تتحقق بغير نظام سياسي بذل جهداً في حمايتي وحماية هذا الكيان، بأفضل ما كان بإمكانه القيام به.
***
كالكثيرين غيري، حرصت طوال أكثر من نصف قرن على تجنب الدخول في صداقات عميقة أو تعاملات تجارية مع أفراد أسرة الصباح، ولأسباب معروفة، مع استثناءات جميلة ثلاثة، استثناهم الزمن، تعدت فيها المعرفة عقوداً. كما أن فكرتي كانت وما زالت إيجابية عن أغلبية من عرفت منهم أو سمعت بهم.
***
لست حكومياً ولا موالياً، فلا هم بحاجة لي ولا أنا بحاجة إليهم، وبالتالي أقول رأيي بتجرد تام، وأعتقد أن قلة فقط لا تتفق معي في أن الحكم، وفي أي بلد ووطن كان، لا يمكن أن يكون مثالياً، وبالتالي فهو معرض، كنظام سياسي يتحكم في مصائر الملايين، لارتكاب أخطاء قاتلة، وتضييع ثروات هائلة، وأن يتلاعب بجنسية الوطن، ويقرّب من لا يستحق ويبعد المستحق، وهذه أمور من سمات كل الحكومات تقريباً، وتصبح أكثر ظهوراً في المجتمعات غير المتقدمة. كما نجد أنه حتى حكومات الأنظمة الديموقراطية المتقدمة لم تكن يوماً بمنأى عن اتخاذ قرارات تسببت في التورط بحروب عبثية فقدت فيها أرواح مئات الآلاف من مواطنيهم، وأضعافهم من المعاقين، وخسارة تريليونات الدولارات، وبالمقارنة بهم يبقى وضعنا مع «نظامنا» أفضل بكثير من غيرنا، واضعين باعتبارنا أننا دولة من العالم الثالث، وبالتالي من «غير الإنصاف» القول إن وضعنا يمكن أن يكون أفضل، لو تغير النظام. فالمجتمع المتخلف لا يستطيع بسهولة، خصوصاً ضمن جيل أو جيلين، الانتقال لنظام آخر أفضل، خاصة إن اتصف المجتمع بقبلية متجذرة وطائفية عميقة وتشرذم واسع، فهذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم. فنحن لسنا دولة اسكندنافية، بل مجتمع موغل في تخلفه السياسي والاجتماعي وغير مؤهل بالكامل حتى لأن يحلم بأن يكون مثلها.
ومن هذا المنطلق، فإن من الضروري تكرار حقيقة أن أي نظام سياسي بديل يطالب به البعض أو يتمناه ليكون بديلاً عن نظامنا، لن يكون غالباً أفضل من الحالي، وهذا راجع لخلل في بنية المجتمع الأساسية، وليس لتميز نظامنا عن غيره. فمن المؤكد أن ما سيأتي سيكون إما مماثلاً للوضع الحالي، أو غالباً شيئاً أكثر سوءاً منه بكثير، وهذا ما أثبتته كل التغيرات السياسية التي وقعت في المنطقة على مدى القرن الماضي، والتي نتج عنها سقوط أنظمة دكتاتورية متخلفة وحلول أخرى مماثلة لها مكانها، وكانت الثانية في الغالب الأعم أكثر سوءاً من الأولى.
نظامنا ليس ملائكياً، ولكنه أيضاً ليس خالياً من العيوب. فعندما أنظر وأتمعن، كأي مراقب، في وجوه وخلفيات واتجاهات وأفكار أغلبية من يمثلون «الحراك»، أو المعارضة «الشعبية»، التي تطالب بإقالة هذا الرئيس أو تنحي غيره، أتذكر الحكمة الكويتية: «أقضب مجنونك»! مع كامل الحشيمة والاحترام للمعنيين بالأمر!
***
قد لا يعني رأيي أحداً، ولكني على ثقة أنه يتطابق مع رأي الأغلبية المدنية، وغير الطائفية، التي لا تريد من نظام الحكم غير أمر واحد وهو أن يطبق القانون على الجميع، من دون أية استثناءات!
فتطبيق القانون يعني لا وساطة في التعيينات.
وتطبيقه يعني عدم استثناء أبناء الأسرة والوزراء بأحكام خاصة.
وتطبيقه يعني توفير التعليم المميز للجميع.
وتطبيقه يعني وقف الهدر المالي ومحاسبة السراق، أياً كانوا.
وتطبيقه يعني حفظ كرامة المواطن والمقيم.
وتطبيق القانون يعني أن هناك أميراً واحداً، هو سمو الأمير.
وتطبيقه يعني أن الولاء للوطن فقط وليس لأية مرجعية قبلية، دينية أو مذهبية.
بتطبيق القانون، على الجميع، وبمسطرة واحدة، أو شيء قريب جداً من هذا، سيجعل الكويت تعود إلى عهدها الذهبي.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw