تقول طرفة من الواتس أب أن ضابطا تعين لإدارة معسكر.. وفي أولى جولاته لاحظ وجود جندي يحرس مجموعة من الكراسي الحديدية الطويلة المثبتة بالأرض، فسأله عما يفعل فأفاد بأنه ينفذ الأوامر.
بالسؤال تبين أن الموقع تتم حراسته بناء على تعليمات القائد السابق للمعسكر، ولأسباب لا يعرفها غيره. تم الاتصال بالضابط السابق، فأكد أنه ورث «التقليد» من القائد الأسبق للمعسكر.

تم الاتصال بالأخير، الذي كان في التسعين من عمره ولكن تبين أن ذاكرته لا تزال معه، فضحك لسماعه الخبر، وقال إنه طلب بالفعل من عسكري حراسة الكراسي، لأنها كانت مدهونة حديثاً، لمنع الجلوس عليها، ونُقل بعدها بأيام لوظيفة أخرى، ونسي إلغاء الأمر، فبقيت أوامره العسكرية مطبقة دون نقاش لخمسين عاماً!

قد لا تكون القصة حقيقية ولكن دلالاتها واضحة وتؤكدها القصة الواقعية التالية:

تلقى هشام، الذي كان يدرس في أميركا في أوائل الستينيات، دعوة لتناول العشاء مع أسرة أميركية، وكالعادة شاركهم العمل في المطبخ.

لاحظ هشام قيام الزوجة، بعد تنظيف السمكة، بقص رأسها وذيلها، قبل وضعها في الفرن، فسألها عن السبب فقالت إنها تعلمت ذلك من والدتها، فطلب منها الاتصال بوالدتها وسؤالها، فأخبرتها والدتها هاتفياً أنها تعلمت ذلك من جدتها، التي كانت تحرص على عملية القص قبل الشواء بالفرن.

قاموا بالاتصال بالجدة، لسؤالها عن السبب فردت ضاحكة بأنها بالفعل كانت تقص رأس السمكة وذيلها لأن الفرن الذي كان لديها أيامها... كان صغيراً!
***
يتبين من الطرفة والقصة أننا نقوم بأمور كثيرة في حياتنا، من عادات وطقوس وتقاليد، قد لا تكون صحيحة أو سليمة ولكننا تعلمناها أو أخذناها من غيرنا، وغالباً ممن هم أكبر سناً أو فهماً منا، وغالبا دون تفكير في صحتها أو منطقيتها!
***
كتبت مقالاً رداً على من طالبني بالكتابة عن «الخُمس» بأن ما يجمع منها هو في حدود آلاف الدنانير، ولا يستحق الأمر البحث فيه. وأردفت قائلاً إن على من يعتقد خلاف ذلك، ويرى أن المبلغ بمئات ملايين الدنانير، ويمتلك أدوات السؤال وينتمي لحزب ويعادي «أصحاب الخُمس»، ولديه نواب في البرلمان، أن يقوم هو بالبحث والسؤال عن حقيقة ما يجمع، وأين يصرف ولمن يسلم، وليس سؤال فرد أعزل مثلي!

لشدة غباء البعض، بلعوا الطعم، و«طافت عليهم»، وكتبوا أن الصراف يدّعي أن ما يجمع من أموال الخمس هو بحدود آلاف الدنانير، وبالتالي هو طائفي!

ولهؤلاء نقول إن تكرار وصفي بـ«الطائفي» قد تروق لهم وتطرب أسماع السذج من أتباعهم، وتبين خلو جعبتهم من أية اتهامات حقيقية للنيل مني، وما أكثر عيوبي، إلا أن تهمة الطائفية الحقيرة ليست من بينها، وتليق بهم أكثر، كونهم من المتاجرين بالدين، وهي ليست تجارتي ولا my cup of tea!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw