الجسد الميت

نشر الأستاذ البحريني علي محمد فخرو مقالاً بعنوان «متى ستصحو الضمائر وتستيقظ العقول؟»، تعلق موضوعه بحالة النفاق والنكران التي تعيشها دول الخليج فيما يتعلق بمجلس التعاون، الذي لم يواجه ضعفاً وتفككاً في تاريخه كما هو الآن.
وطالب السيد فخرو بأن نعترف بأن مجلس التعاون الخليجي يعيش حالياً أوضاع المرض والتفكك والضياع بسبب الصعود المذهل للأنانية السياسية المؤقتة والمصلحية المفرطة، وتجنيد بعض المكونات المحلية وبعض الأفراد للدخول في مماحكات كلامية تشمئز منها النفوس ومثيرة للأحقاد والانقسامات، وذلك من أجل ترجيح كفة هذه الجهة أو تلك، وعدم دعوة مؤسسات مجلس التعاون الوزارية أو التخصصية أو حتى القممية، إن كان الخلاف كبيراً وخطيراً، من أجل مناقشة الإشكالات ومحاولة إطفاء حرائقها وإبعادها عن أن تصبح أسلحة ومؤامرات في يد من لا يريدون الخير لدول المجلس من الأغراب وقوى الاستعمار (!!).

وهذا غير الإصرار، عبر عمر المجلس، على تغييب وجود جهة قانونية قضائية مشتركة ضمن مؤسسات المجلس من أجل إصدار الأحكام العادلة الأخوية فيما بين أنظمة الحكم في الدول المتخاصمة.

ووصل الحال إلى القرف مع تهميش سلطات المجلس المشتركة، وتلاسن مبتذل عبر وسائل الإعلام الرسمية وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث ينشط الانتهازيون وفاقدو الأحاسيس الوطنية والقومية وبائعو الضمائر لكل من يدفع أكثر، وتباعد فيما بين العائلات والأصدقاء وأصحاب المصالح المشتركة من مواطني دول المجلس.
***
ما يعنيه كلام فخرو أن الوضع في الاتحاد يقارب حالة الموت البطيء لحلم كبير بدا قبل أكثر من أربعين سنة، ليكون نواة لوحدة أكبر، ولكن لا الأولى تحققت ولا الثانية ستتحقق!
***
ربما سيتنفس البعض الصعداء لفشل تحقيق وحدة اقتصادية متكاملة بين دول المجلس، وغيرها من المشاريع المشتركة الصعبة والمكلفة، التي كنا نحلم بها، ولو حدثت لكانت الآن الخسائر أكبر وأشمل بكثير، ولكان الوضع أكثر تعقيداً نتيجة للخلاف الحالي المستعر بين عضوين مؤثرين في الاتحاد، سبقته وستتبعه خلافات أخرى، وخسارة سياسية ونفسية ومالية ضخمة لجميع الأطراف. فانهيار زواج من دون أطفال شيء، وانهياره بوجود أطفال شيء آخر.
***
ويعود السيد فخرو ليؤكد أن غياب المشاركة الشعبية لدول الاتحاد في الرقابة على أعمال المجلس ومحاسبة مسؤوليه، كان دائماً من أسباب ضعف الاتحاد، وكأنه مجلس للنخب فقط.

ويقول إن العربي لا يتعلم من التاريخ، فتجربة الاتحاد المغاربية فشلت بسبب الخلاف حول الصحراء المغربية، ومصير اتحادنا لن يكون أفضل. كما تجمّدت أعمال الجامعة العربية، وأصبحت منظمة التعاون الإسلامي اسماً من دون فعل. وتساءل: متى ستصحو الضمائر وتستيقظ العقول في بلاد العرب؟
***
وقبل أسبوع تقريباً أصدر أمين عام مجلس التعاون قراراً بتعيين شفيق احمد السيد عمر مديراً عاماً لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك!

طبعاً هذه المؤسسة ميتة أصلاً، ولا فائدة منها، بعد أن تجاوز الزمن دورها من خلال وسائل التواصل، ولن يتابع أعمالها أحد، فكيف يعيّن مديراً لجسد ميّت؟

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top