الافتراء على الحق والتاريخ
يوصف النائب السابق، والكاتب في القبس، السيد «محمد الدلال» من قبل البعض بأنه العاقل بين الإخوان (أو العاجل، باللهجة المحلية!!).
وفي مقاله الأخير تطرق لذكرى الغزو والاحتلال العراقي، وسرد مجموعة من الأسباب الرئيسية التي أسهمت في تحرير الكويت، ومنها «تمتعها بنظام ديموقراطي»، والذي دفع دول العالم لدعم تحريرها! ثم يعود ويناقض نفسه في الفقرة التالية ويقول بأن من أسباب الغزو ضعف الجبهة الداخلية الكويتية، وتعطيل الحياة الدستورية والبرلمانية وغياب الديموقراطية!
ثم ذكر بأن الغزو كشف عن الخلل الكبير لدى أصحاب الأفكار والتيارات في الشعوب العربية، فسقطت بالتالي أقنعة ذات توجهات «قومية وإسلامية وبعثية وعلمانية» أيدت الاحتلال، واستسهلت إراقة الدماء وانتهاك الأعراض وسرقة الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما يعكس هشاشة مواقف تلك التيارات عند الأزمات والمحن!!.. وهذا كلام جميل يشكر عليه، ولكنه عاد واستدرك قائلا بأن التاريخ حفظ أيضاً موقف التيارات والأشخاص من الكويتيين، الذين ينتمون إلى التيارات نفسها في رفض ممارسات ومواقف تياراتهم في الدول العربية، وهو هنا يقصد أكثر ما يقصد «تيار الإخوان المسلمين»، وكيف أنهم اتخذوا مواقف وطنية في المقاومة ورفض الاحتلال والعصيان المدني للمحتل، وهذا ما لم يؤكده أي طرف، فلم يكن لهم دور يذكر.
ثم تطرق السيد الدلال لما قاموا به، أي الإخوان، من مراجعات فكرية وتنظيمية، وهذا صحيح ولكن هذا حصل فقط بعد التحرير. ثم قاموا، بعد هدوء الأحوال، بالتراجع المعلن عن سابق «مراجعاتهم»، وكالعادة «لحسوا» كلامهم، والدليل عشرات لا بل مئات المقالات والمواقف التي كتبوها ووقفوها، وآخرها رفضهم التام والبات لما تعرض له الغنوشي، رجلهم في تونس، ووقوفهم معه ومهاجمة أعدائه، وهو الذي لم يخفِ يوماً إعجابه بصدام ووقوفه المشين معه في قضيتنا الكبرى إبان احتلاله لوطننا.
أما القول بأن ولاء الكويتيين، مهما كانت انتماءاتهم، كان لوطنهم، فهو «افتراء على الحق والتاريخ»، فلم يقف أحد من الإخوان المسلمين، بوضوح تام، داخل الكويت وخارجها، مع وطنه في محنته، والدليل أن قسمهم بالولاء والطاعة كان لمرشدهم الأكبر، وموقف هذا الأخير كان ضد تدخل «قوات غربية وكافرة» لتحرير الكويت!! وبغير تدخل هذه القوى لتحريرنا وإخراج صدام من وطننا لم يتبق لنا أي قوى، ولم أعلم يوما أنها كانت تأتمر بأمر «المرشد الأعلى» لكي يستعاض عنها بتحرير وطننا في حينه من بطش دكتاتور حقير وطاغية لم تعرف الرحمة ولا الشفقة طريقهما لفؤاده يوماً.
***
إذا كان هذا منطق «عاجلكم» فكيف بمجنونكم؟!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw