عطونا فلوس.. وبلا اكتواري
طالبت جهات لها احترامها ووزنها، وأخرى أقل من ذلك، بمشاركة مؤسسة التأمينات المتقاعدين والمؤمّنين لديها فيما تحققه من أرباح. وسبق أن بيّنا في أكثر من مقال أن ما يطالبون به غير قانوني، ولا منطقي وفوق ذلك صعب التنفيذ بسبب العجوزات التي تواجهها المؤسسة نتيجة العجز الاكتواري الضخم الذي تعاني منه.
***
تعتبر الحسابات الاكتوارية من العلوم الرياضية الصعبة التخصص، ولكنها أيضاً مجال جيد لتحقيق دخل محترم.
تتطلب أعمال شركات التأمين والضمان الاجتماعي إجراء حسابات اكتوارية كل ثلاث سنوات تقريباً لمعرفة أوضاعها المالية، وحساب الأقساط. فلو تقدم شخص طالباً من شركة تأمين تغطية تأمينية على الحياة، بحيث تدفع الشركة مبلغاً كبيراً له في حال إصابته بأي عطل جسدي يمنعه من العمل، أو دفع مبلغ كبير لورثته في حال وفاته بصورة طبيعية، فإن القسط يتم تحديده بناء على حسابات اكتوارية.
كما تقوم مؤسسات الضمان أو التقاعد، بقبول مشتركين جدد لديها بصورة مستمرة، ويقوم هؤلاء بدفع نسبة مئوية من رواتبهم للمؤسسة شهرياً، وغالباً ما تقوم الجهة التي يعملون فيها بدفع قسط مماثل أو أعلى قليلاً، بحيث تستطيع المؤسسة، بعد سنوات عمل محددة، أن تدفع للمتقاعد راتباً مدى الحياة، فكيف يمكن القيام بكل هذه الحسابات دون معادلات اكتوارية دقيقة.
ولمعرفة سلامة الوضع الاكتواري أو المالي لأي صندوق تقاعد في العالم، فإن الأمر يتطلب تجميد جميع أرقام الصندوق في نهاية يوم معين (وكأن إدارته بصدد تصفيته) واحتساب القيمة الحقيقية لكل استثمارات الصندوق وأصوله في تلك اللحظة، ولو افترضنا أنها تبلغ 30 مليار دينار، يخصم منها كل التزامات الصندوق اتجاه المؤمنين والمتقاعدين كافة لديها، ولنفترض أنها تبلغ في تلك اللحظة 50 مليار دينار، فنصل لحقيقة أن هذه المؤسسة تشكو من عجز اكتواري يبلغ 20 مليار دينار، وهذا بالضبط وضع مؤسسة التأمينات الاجتماعية في الكويت، مع حقيقة أن الأرقام أعلاه افتراضية طبعاً.
وبالتالي من غير المعقول مطالبة البعض المؤسسة بمشاركة المؤمنين لديها بما تحققه من أرباح، علماً بأن المزايا التي يحصل على المشترك في مؤسسة التأمينات هي الأكثر سخاء من أي صندوق تقاعد في العالم. فالمشتركون فيها، من ذكور وإناث، يتقاعدون في سن هي الأقل عالمياً. كما أن معاش التقاعد يصرف للمؤمن له مدى الحياة. وفي حال وفاته يستمر صرف الراتب لأرملته ولأبنائه حتى بلوغهم السادسة والعشرين. أما الابنة فيستمر الصرف لها مدى الحياة، ويتوقف إن تزوجت، ويعود ثانية في حال طلاقها، وغير ذلك. وبالتالي يمكن للمراقب ملاحظة الالتزامات المالية الضخمة التي تقع على كاهل المؤسسة، وخاصة في أوقات الكوارث الطبيعية والأوبئة وغيرها. لذا يتطلب الأمر منها تكوين احتياطيات لمواجهة هذه الظروف، فهي مؤسسات ضمان تكافلية وليست شركة تسعى لتحقيق أرباح لمؤسسيها. فإن توقفت أية شركة عن تحقيق أرباح في سنة مالية ما فمن الطبيعي امتناعها عن توزيع أية أرباح لمساهميها، وسيقبلون بذلك! أما مؤسسة الضمان فإنها مجبرة شهرياً على صرف رواتب المتقاعدين لديها، لتعلق معيشتهم كلياً عليها، ولذا تحظى صناديق الضمان عادة بدعم الحكومة، وتخضع لمراقبة شديدة من عدة جهات.
***
ورد في مقال الأمس أن خبر إنشاء الأكاديمية نشر في «إحدى الصحف»، وللتوضيح، فإن الخبر نشر في الزميلة «الراي».
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw