أحداث تاريخية (1 - 3)
لقي عرض ارسال مذكرات المرحوم خالد العدساني المتعلقة بمرحلة شديدة التوتر والأهمية من تاريخ الكويت الحديث، لمن يطلبها اقبالاً حسنا، وطالب البعض بالكتابة عن ظروف انشاء وحل مجالس ثلاثينات القرن الماضي.
قام حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح في عام 1921، وبناء على رغبة خاصة وشعبية، باختيار بعض وجهاء البلد أعضاء في مجلس حكم استشاري، وحدث ذلك بعد فترة من وفاة سلفه الشيخ سالم المبارك الصباح، ولكن المجلس لم يستمر لأكثر من شهرين، وتم حله وبقية المجالس الأخرى كالمعارف والبلدية وغيرها، بعدها قامت مجموعة من المواطنين بتأسيس حركة للمطالبة بنوع من المشاركة في الحكم، وأطلقوا على أنفسهم «الكتلة الوطنية»، وكان عملهم في البداية يتسم بالسرية، ونجحوا في توزيع منشورات تطالب بالاصلاح، ونشر بعض منها في الصحافة العراقية، وعندما اشتد عود «الكتلة» رأت ان ظهورها للعلن أصبح أمراً محتماً، وقامت في فترة لاحقة بارسال وفد الى الحاكم للمطالبة بانشاء مجلس تشريعي، وكان يساند «الكتلة» الشيخ عبدالله السالم وشقيقه الشيخ فهد، وقد وافق الشيخ أحمد الجابر على انشاء مجلس تشريعي يشاركه في ادارة البلاد، وفي 29 يونيو 1938 اجتمع 320 مواطناً في ديوان الصقر لاختيار 14 مرشحاً من بين 20 لعضوية أول مجلس نيابي في تاريخ الكويت السياسي، وفاز فيها: محمد ثنيان الغانم، وعبدالله الحمد الصقر، صالح عثمان الراشد، يوسف صالح الحميضي، حمد الداود المرزوق، مشاري حسن البدر، يوسف بن عيسى القناعي، سليمان خالد العدساني، يوسف مرزوق المرزوق، خالد عبداللطيف الحمد، مشعان الخضير الخالد، سلطان ابراهيم الكليب، سيد علي سيد سليمان الرفاعي وعبداللطيف محمد ثنيان الغانم، وغالبيتهم من اثرياء البلد. واظهارا لحسن نية الأعضاء الجدد، وخلافاً للاعراف، قاموا باختيار الشيخ عبدالله السالم، ابن عم الحاكم، وولي عهده، رئيساً لهم، ويعتقد ان المجلس ما كان ليظهر لولا نصيحة المقيم البريطاني في خليج فارس (!) وقبول الشيخ أحمد الجابر للفكرة. ولكن سرعان ما دبت الخلافات بين المجلس والحاكم منذ اليوم الأول، عندما رفض طلب توقيع قانون يخول أعضاء المجلس الاشراف على تنظيم أمور البلاد وسن القوانين، ولكن بعد جهود شاقة قبل الشيخ توقيع القانون بعد ان عدل جملة «نحن أمير الكويت» الى «نحن حاكم الكويت»! وباشر المجلس عمله واصدر جملة تشريعات تتعلق بالجمارك والمعارف والقضاء والاحكام والأمن العام، كما اهتم بقضايا التعمير وتخصيص الأموال لتوسعة الشوارع والدوائر الحكومية، والطريف ان اول موازنة معروفة للكويت صدرت وقتها وبينت ان اجمالي الواردات المالية للدولة بلغت 263 ألف روبية، أي 36 ألف دينار! تقابلها 200 ألف روبية مصروفات الأسرة الحاكمة و40 ألفاً رواتب موظفي الحكومة، والمتبقي يصرف على التطوير والتشييد، ولم يدخل في الواردات مبلغ 90 ألف روبية عن حصة الكويت من امتياز شركة النفط، لانها لم تكن قد دفعت بعد.