دعوات الكندري وكفاح الطبطبائي

هدّد النائب عبدالكريم الكندري باستجواب وزير الخارجية، إن قبل أوراق اعتماد السفيرة الأميركية! رددت عليه بتغريدة مبيناً خلو الطلب من الحصافة (فقد سبق أن قبلت الحكومة ترشيحاً رسمياً)، وما هو وزننا لنطلب هذا الطلب؟ وماذا سيستفيد أهل غزة من رفضنا لاعتمادها؟

رد النائب قائلاً بأن وزننا يتمثل في كوننا أصحاب قضية! وتجاهل الرد على الشق الثاني من سؤالي، وهو الأهم!
***
منذ أن وعيت على الحياة، وأنا أسمع بمطالبات المقاطعة، سواء من خلال مكتب مقاطعة إسرائيل التعيس في دمشق، مروراً بمطالبات الغوغاء بمقاطعة الغرب وقطع النفط عنه، والتوقف عن شراء منتجاته، لنعود، أحياناً بعد ساعات، لشراء المنتجات نفسها، بثمن أعلى.

فمن قاموا بإحراق سفارة الدنمارك في لبنان، مثلاً، اكتشفوا، بعد عودتهم «منتصرين»، أن الست الوالدة بحاجة للإنسولين الدنماركي، ليعودوا ويشتروه من الصيدلية. لتقوم الدنمارك بزيادة إنتاجها من الإبر، ومضاعفة أرباحها!
***
في حرب 1967، أدانت فرنسا إسرائيل لبدئها الهجوم على مصر، فتعالت صيحات الجماهير الغافلة، مطالبة بالتحول للمنتج الفرنسي، فزاد استهلاك سجائر دو مورييه du murier لاعتقادهم أنها فرنسية، وهي كندية.

كما قامت الغوغاء في الكويت، وفي أكثر من مناسبة، بإتلاف منتجات الدول التي وقفت ضد قضايانا، وإتلاف منتجاتها من على أرفف الجمعيات، وهي منتجات سبق أن دُفع ثمنها، وملك المواطن. والشيء نفسه ينطبق على المطالبات الغبية بمقاطعة أفرع الفرنشايز الأميركية لدينا! كما أن الدعوة لوقف تصدير النفط للغرب دعوة غبية أخرى ثبت فشلها، مع كل مخاطرها، من خسارة عوائد، وتأثيرها السلبي في استثماراتنا الضخمة في الطاقة في أوروبا وأميركا. أما الدعوة للتخارج من استثماراتنا في الشركات التي يعرف عنها دعمها لإسرائيل، فهذا يتضمن قمة اللاوعي، ولا أعرف ما سيستفيده المواطن الفلسطيني المظلوم من تطبيقه.

ليس هناك أسهل من الكلام في التجمعات عبر مكبرات الصوت، وطلب مقاطعة الدول الغربية، ثم فض التجمع والعودة لرغد العيش، والتمتع بكل «خيرات الغرب وأدويته»، فتحقيق حلم إيجاد وطن فلسطيني حر لا يكون عبر الصراخ، ولا من خلال المطالبة بفتح الحدود، أمام الغير طبعاً، ليحارب، بل بالمنطق وضمن ما هو متاح من إمكانات!

في تجمع تضامني مع غزة، قال النائب السابق وليد الطبطبائي، إنه شارك في الحرب ضد اليهود في غزة عام 2008، وأنه يكشف السر لأول مرة!

السؤال: لماذا احتفظ الأخ بسر مشاركته في قتال الإسرائيليين في غزة؟ هل «تعففاً» في الحديث عن «جهاده»؟ إذا كان ذلك هو السبب، فلماذا حرص على توثيق «جهاده»، بالصوت والصورة، في سوريا؟ هل لأن السوريين «إخوة»، وتسهل محاربتهم؟ ما أكثر العنتريات!
***
ستجبر إسرائيل، عاجلاً أم آجلاً، للخضوع والاعتراف بحق الفلسطينيين بدولة حرة مستقلة. إلى ذلك الحين علينا أن نتذكر أن صراعنا الحقيقي معها هو صراع حضاري. وقد فشلنا، جميعاً، على مدى مئة عام، أن نجاريها في تقدمها، ولو بنسبة 5 %.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top