شرور الإخوان.. بين فرنسا والكويت
لم يبقَ عاقلٌ لم يدرك حتى الآن مدى عمق الخطر، الذي يشكله الإخوان المسلمون، في أي مكان تواجدوا فيه، ومن يتجاهل أو يهوّن من ذلك الخطر، إما غير مدرك لحقيقتهم أو صاحب مصلحة. فقد أصبحوا مؤخراً كالسرطان، الذي ينخر في كل جسد يستوطنونه، محطماً ومخرباً كل شيء أمامه، بهدف الوصول إلى مبتغاه، وتجذرهم في الدول ذات الاقتصادات الضعيفة معروف، إذ تعد أرضاً خصبة لتوالد أفكارهم، كما باتوا يشكلون خطراً حتى على مجتمعات وأمن الدول الأوروبية، خاصة في أحيائها المهمشة، وينطبق ذلك بشكل خاص على فرنسا، كما هو الحال مع غيرها، حيث بلغ خطر الإخوان مستويات لم تكن الحكومات الأوروبية تتوقعها، إلى أن صدر التقرير الاستخباراتي الفرنسي الخطير، الذي نشرته صحيفة «لوفيغارو» قبل أيام، بعنوان «الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا»، الذي بيّن ما أصبحت الحركة تكتسبه من زخم متزايد، وكيف أصبح تغلغلها يشكل تهديداً جدياً لفرنسا وتماسكها الوطني.
فقد أشار إلى تزايد وجود أماكن عبادة ومراكز دعوية وخدمية، مرتبطة بالإخوان، موزعة على 55 إقليماً، تستخدم لأغراض مختلفة، ولديهم 280 جمعية، تهدف إلى تأطير حياة المسلم من الولادة حتى الممات، وتشمل كل الجوانب الدينية والخيرية والتعليمية وحتى المهنية.
لا شك أن هذا التطرف، كما توقعنا وذكرنا في العديد من المقالات، سيجلب على أغلبية مسلمي أوروبا أضراراً كبيرة، مع بدء اتخاذ تدابير حازمة للحد من هذه الأنشطة، وإصدار مجموعة من القوانين وتفعيل أخرى، خاصة تلك المتعلقة بفصل الدين عن الدولة. وكان من أول هذه الإجراءات الاحترازية إغلاق 741 مكاناً ومؤسسة دينية تعليمية و«ثقافية»، بعد أن تبيّن أن ممارسات الكثير منها تشكل تهديداً جدياً للتلاحم الوطني، كما بينت تقارير المخابرات، من خلال مقابلات مع أساتذة جامعيين وزيارات داخل فرنسا وأوروبا، الطابع الهدام للمشروع الذي يعتمده الإخوان المسلمون، والذي يهدف إلى العمل على المدى الطويل للوصول تدريجياً إلى تعديلات في القوانين المحلية أو الوطنية، ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء، مع تزايد الحاجة إلى تحرك الحكومات للجم صعود الإسلام السياسي، بالتوازي مع توعية الرأي العام، من خلال خطاب علماني متجدد ومبادرات قوية وإيجابية تجاه المتطرفين من بعض المسلمين.
هذا في فرنسا، رأس العلمانية في قلب القارة الأوروبية العجوز. أما في الكويت، فإن برنامج الإخوان لا يعلن عداءه الواضح للحكومة، لكن ذلك لا يعني رضاهم، والدليل أنهم سعوا ويسعون بكل قواهم لنشر مفاهيمهم ورؤاهم السياسية والدينية، التي تخدم نواياهم وسعيهم، من خلال إصرارهم على أفكارهم بضرورة عودة الخلافة. لذا سعوا ويسعون للسيطرة على عشرات جمعيات النفع العام، ومراكز التعليم، وجعل «المعلم والمنهج» يتسقان وأفكارهم المتخلفة، فهم يحققون أكبر نجاحاتهم في البيئات الأقل نضجاً، والأقل قدرة على الفهم والنقاش، لذا سعوا للتحكم في مئات دور تحفيظ القرآن، والمدارس والمؤسسات والجمعيات التابعة لوزارة الأوقاف، فضلاً عن عشرات المدارس الخاصة، التي يمتلكونها مباشرة أو غالباً بطرق غير مباشرة، والتي يبثون من خلالها مفاهيمهم الدينية وأفكارهم السياسية، والتي يصرون فيها على تقبل الطالب لها دون سؤال ولا نقاش، بل الحفظ والطاعة بصمت!
يجري كل ذلك أمام سمع وبصر الحكومة!
أحمد الصراف