التيار الليبرالي القبيح (1ـ 2)

«...الليبرالية موقف وفعل، قبل أن تكون كلاما..»!!!
***
يحلو للكثيرين إطلاق صفة «التيار الليبرالي» على كل المجاميع والقوى المناهضة للتيارات الدينية أو القبلية أو الطائفية أو التي لا تتعاطف معها. وبما ان غالبية هؤلاء من المستقلين وليسوا ليبراليين بالمعنى الدقيق، فإن تعميم ذلك الوصف الرفيع في إنسانيته على الجميع يعتبر أمرا مخلا بشكل واضح، فليس في الكويت تيار ليبرالي بالمعنى المفهوم، ولا يوجد بين النشطاء السياسيين المعروفين بثقلهم المعنوي من بإمكانه إدعاء تمثيل التيار الليبرالي، بل هناك مجموعة أفراد، ربما أكون أحدهم، ممن يعتقدون انهم أقرب الى الليبرالية الحقيقية.....من غيرهم!!
ولو افترضنا أن الليبرالي هو الذي لا يعادي أي دين أو أي اتجاه سياسي أو فكري، ويدعو الى الحرية والإخاء والمساواة بين البشر، ولا يفرق بينهم على أسس الدين أو العرق أو الجنس، ويؤمن بحق الجميع في الاعتقاد والتصرف والكلام والتنقل والعمل من دون معوقات، فإننا نجد ان الدائرة تصغر وتضيق كثيرا مع كل إضافة «حرة» لهذا التعريف وعلى من تنطبق عليه صفة الليبرالي. و«ندرة» وجود الليبرالي في مجتمعاتنا تعود الى عوامل اجتماعية وعقائدية عدة تمنع الكثيرين من تقبل المفاهيم والمبادئ الليبرالية بسهولة بسبب الضغوط القبلية والمذهبية والاجتماعية، وحتى المالية والعائلية. وحتى عند الإقرار بالانتماء، بشكل أو بآخر، فإن ذلك يتم باستحياء وتردد، والأمثلة الحية كثيرة هنا!!!
ولو نظرنا الى تاريخ ما يسمى، تجاوزا، بقادة الحركة الليبرالية في الكويت لوجدنا انها تنقلت وتقلبت بين الشيوعية والاشتراكية والقومية، قبل أن تأتي كارثة الغزو والاحتلال لتعيد الجميع الى حضن الوطن بصورة مؤقتة، ومن ثم ليعود الصراع والتشرذم بينها مع أول انتخابات تجري بعد التحرير، حتى وصل الوضع الى درجة من السوء بحيث أصبح «الليبرالي» أقرب الى المشتت والضائع منه الى أي شيء آخر، وهذا الذي ربما دفع أعدادا من المرشحين في الانتخابات الثلاثة الماضية على الأقل، الى النأي بأنفسهم عن التجمعات والأحزاب المفترض انها ليبرالية، وخوض الانتخابات كمستقلين، وعلى هذا الأساس فاز البعض منهم، ليس لكونهم ليبراليين. وبالتالي من غير الصحيح القول ان الليبرالية هي التي أنجحت نائبات المجلس الأربع، وانها هي التي أسقطت المنتمين الى التيار الديني المتشدد، فمن قام بذلك هم خليط من الناخبين، ومن مشارب واتجاهات مختلفة.

الارشيف

Back to Top