الفريق البدر والجمعيات المخالفة

على الرغم من كل مخالفات اللجان والمبرات الخيرية وتلاعبها بمراقبي ومفتشي وزارة الشؤون واتباعها مختلف طرق التحايل على الحكومة في سعيها لجمع أكبر قدر من الأموال النقدية السهلة، وفي حال استمرار غياب الرقابة الرسمية والشعبية على سجلاتها ومداخيلها ومصروفاتها، على الرغم من كل ذلك، قامت وزارة الشؤون بتجديد ثقتها في هذه الجمعيات وأعلنت فوق ذلك موافقتها على مجموعة من الاقتراحات والمشاريع التي من شأنها زيادة مساحة حرية هذه الجمعيات في التحرك وجمع الأموال. وقد جاء كل ذلك من خلال المذكرة التي رفعتها وزارة الشؤون الى مجلس الوزراء.
نقول ذلك لنبين مدى تخبط الحكومة وشللها وعدم قدرتها على التصدي لأخطبوط الأحزاب السياسية الدينية التي تقف وراء هذه الجمعيات وتدعمها لكونها الوعاء الذي يغذي شرايينها بالأموال اللازمة لبقائها حية على الساحة السياسية وفاعلة في المعارك الانتخابية!
ولمعرفة المزيد عن تخبط الحكومة وفقدانها لأية خطة إصلاحية واضحة، نجد أن فرعا آخر فيها، ممثلا بمدير بلدية الكويت، قد قام مشكورا بإصدار قرار قبل أيام قضى بوقف جميع الأنشطة الاجتماعية والتجارية والمهنية في مناطق السكن الخاص، بما في ذلك مقرات ومراكز الجمعيات الدينية السياسية، وخصوصا غير المرخص منها والتي تتخذ من البيوت السكنية مكاتب ومراكز دعوية لها، كما تستخدم هذه البيوت كمخازن لجمع الملابس المستعملة وفائض الأغذية وبيعها، والتي لا يعرف أحد إلى أين ينتهي ريع بيعها. وقد حصرت البلدية الجهات المخالفة فوجدت أن العدد يبلغ 62 بيتا مخالفا في السالمية والجابرية وسلوى والرميثية، مما يعني أن العدد الإجمالي في الكويت يزيد بكثير على الألف بيت وسرداب مخالف. وفي السياق نفسه أكدت وزارة الكهرباء، في الحكومة نفسها، بأنها ستقوم بقطع التيار الكهربائي عن بيوت السكن الخاص التي تشغلها أنشطة مخالفة، كالجمعيات الدينية، وأنها تقوم بهذا العمل تطبيقا للقانون ليس إلا. ولكن الإدارة العامة للتحقيقات، وأيضا في الحكومة نفسها، رفضت التجاوب مع طلبات بلدية الكويت في ما يتعلق بإصدار أذونات دخول لتلك العقارات المخالفة في تلك المناطق، ومنها مقرات لأحزاب وجمعيات دينية مسيسة. وربما يعود ذلك لنفوذ هذه الجمعيات المستمد من نفوذ من يقف وراءها وشراستهم في مقاومة مختلف الضغوط الحكومية المحلية، وحتى الأميركية، عليها لمعرفة كيفية إدارة هذه الجمعيات لأوضاعها المالية!
وهكذا نرى شتاء وخريفا وصيفا وربيعا تحت سقف واحد في حكومة واحدة في لحظة واحدة! فمتى ينتهي هذا التخبط وتشد الحكومة من عزمها، وتنهي هذه المخالفات الجسيمة مرة واحدة، وإلى الأبد؟ وإلى متى ترضى الحكومة بوجود حكومة ظل دينية تتحكم في أمزجة الناس وأهوائهم بسبب ما تيسر لها من سعة مالية غير خاضعة لأية رقابة؟

ملاحظة: يستحق الكثير من رجال الكويت وسيداتها الإشادة بجهودهم لمختلف خدماتهم، وبسبب الظروف الراهنة ربما يكون الفريق المتقاعد محمد البدر، رئيس لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، على رأس من يستحق الإشادة والشكر لدوره في تحقيق حلم طالما راود الكثيرين في التخلص من مئات آلاف المخالفات والاعتداءات على أملاكنا جميعا. لقد عمل الرجل بهدوء وأمانة وحرص، وكان مثابرا ولم يلتفت الى كل صراخ واحتجاجات الغوغاء من المتضررين وترفع عن الرد على إساءاتهم الى شخصه ومكانته. ولو قلنا ان صموده ونجاحه لم يكونا ليتحققا لولا مساندة ودعم القيادة السياسية لما أخطأنا، ولكن مثابرته وإصراره على إنهاء ما بدأ به أمر يحسب له، فكثيرون كانوا سيستقيلون من هذا العمل لو نالهم نصف ما ناله من إساءة وتجريح واتهام، مما كان سيتسبب في وقف مشروع الإزالة لعشر سنوات أخرى.تحية للفريق البدر والشكر له على عظيم جهوده.

الارشيف

Back to Top