هل السراج منير حقا؟

أهدتني وزارة الاوقاف، كما اهدت غيري، ثمانية كتب ثقيلة الوزن، صادرة عن 'ادارة السراج المنير'. وهذه الادارة كانت في الاصل مجرد مشروع مؤقت تابع لادارة الدراسات الاسلامية في الوزارة، ثم انتهى الامر بهذه الادارة بعد 4 سنوات من الصرف الباذخ والمستمر لتصبح ادارة مستقلة ودائمة، ربما برئاسة وكيل مساعد!
ليس هذا موضوعنا، بل يتعلق بمحتويات هذه الكتب التي طلب منا نقدها. ستة من الكتب الثمانية تتعلق موضوعاتها بملخصات عن 'ملتقى السراج'.
وكل واحد من الستة يتضمن كلمات الشكر نفسها مكررة ست مرات للوزير والوكيل وامين الوقف والوكيل المساعد ومدير الدراسات ومشرف الملتقى، وكأنهم اصحاب الفضل الاول على تعليم ابنائنا ما يريد لهم هولاء ان يتعلموه. اما مواضيع الكتب الستة فهي مكررة تقريبا ولا تخرج عن دروس في القرآن والفقه وقصص وعبر وتجويد وسيرة وسراج الحياة.
اما الكتاب السابع فقد خصص للمعلمين وكيف يكونون مبدعين في عملهم، ويتضمن مجموعة من الصور، وجميعها تقريبا لملتحين، وكأن ليس في المجتمع او بين المعلمين من هو غير ذلك! وبتصفحه نجد انه مشروع 'قص ولزق' من مصادر مختلفة، اكثر منه اي شيء اخر. كما انه يتناقض في اجزاء منه مع ما ورد في احد ملتقيات السراج. ففي الاخيرة يطلب من الصبي مثلا ان دخل مقهى انترنت فيه 'نساء'، ان يغض البصر! وعلى النساء او الفتيات فعل الشيء نفسه، وهذا يعني انه يدخل مكانا ويخرج منه وهو مطأطئ الرأس، وعلى جميع من فيه من نساء وفتيات طأطأة رؤوسهن! وبذلك نصبح جميعا من 'المطأطئين'!! ولكن بمراجعة كتاب ارشادات المعلم نجد انه يطلب منه ان يجلس وجها لوجه مع طلبته، وان لا يغض البصر!
اما اخطر ما في هذه الكتب فهو رسالتها المبطنة التي تحاول الايحاء بها وهي 'اننا احسن البشر وكل ما نفعله هو الافضل'.
وبمراجعة اهم ابواب الكتب الستة وهو باب 'سراج الحياة' نجد تركيزا على مواضيع تتعلق بآداب المسجد ومع الوالدين والاستئذان والتعاون والايثار وآداب الطعام واحترام الكبير والصدق وحقوق الاخوة وزيارة المريض وآفات اللسان والتواضع وبذل الخير وحق المعلم والامانة والثقة بالنفس وكيفية تكوين الاصدقاء وآداب الضيافة وما يماثلها من مواضيع. وهذه جميعها مواضيع سبق ان درست لنا ولابنائنا في مدارس الحكومة والخاصة وليس فيها بالتالي اي اضافة مميزة او شيء لم يسبق ان ورد ضمن مناهج وزارة التربية. اما الامور التي استجدت على التربية والتعليم في السنوات العشرين او الثلاثين الاخيرة كقضايا حقوق الانسان او احترام القوانين او معرفة نبذ عن الدستور او رموز الدولة الوطنية كالسلام الوطني او علم الدولة وغير ذلك من الامور الاساسية في التربية الدينية والوطنية فلم يرد لها اي ذكر. كما لم تتطرق كل تلك الكتب التي يتجاوز وزنها 6 كيلوغرامات لأهم ما يقلق الفرد منا في هذه الايام الا وهو العلاقة بيننا وبين غير المسلمين، بالرغم من ان جدول المشروع يشير الى هذا الموضوع الخطير والمهم باقتضاب شديد ولكن ليس في الكتب الرئيسية اي تفصيل عنه.
الخلاصة: ان مشروع 'السراج المنير' سياسي دعائي بحت سواء لقياديي الوزارة او اتباع التيارات الدينية فيها، كما انه شكل مصدرا للرزق للمشرفين على المشروع، ولا اعتقد بالتالي ان الفائدة التي تحققت من وراء هذا الكم من الورق والكلام يساوي ولو جزءا مما صرف على اخراجها وطباعتها من جهد ومال وقفي!

الارشيف

Back to Top