معارضة 'الزكاة' وجهة نظر مختلفة

أعلن النائب صالح عاشور، وهو من مؤيدي اسقاط القروض، في ندوة حضرها 15 شخصا تقريبا، بأنه سيسير التظاهرات في شوارع الكويت وسينظم الاعتصامات ما لم تحترم الحكومة حقوق الاقلية في الكويت فيما يتعلق بقانون الزكاة الذي اقره البرلمان اخيرا! وبالرغم من اختلافي المبدئي مع النائب عاشور، فانني اجد نفسي اقف معه في صف المعارضين لقانون 'الزكاة'، ولكن مع اختلاف المنطلقات من جهة ومع اعتراضي طبعا على تسيير التظاهرات، فسيكون ذلك السخف بعينه!.
خرج قانون الزكاة من تحت عباءة المتأسلمين وتسلل بين ايدي المؤيدين الآخرين له، بالرغم من معارضة المعترضين وصياح الصائحين.
اقراره بتلك الصورة المشوهة سوف لن يمهد الطريق لزيادة وتيرة اقرار القوانين المتخلفة مستقبلا، بل ايضا، وهذا هو الاخطر، سيعرقل لفترة طويلة قادمة خروج قانون ضرائب متكامل الى حيز الوجود.
لقد سبق ان كتبنا ونادينا بأننا احوج ما نكون لقانون ضرائب عصري، ومن الخير اقرار مثل هذا القانون الآن، ونحن في صحة وعافية مالية، من اقراره والناس يشكون شظف العيش، وهذا اليوم ليس بالبعيد ان ضعفنا امام دعوات استنزاف اموال الدولة والقضاء على احتياطياتها ومدخراتها، كما هو حاصل الآن!
ان قانون ضرائب محكما اصبح اكثر من ضرورة بعد ان تزايد السلوك الاستهلاكي الشاذ لنسبة كبيرة من المواطنين، فالكهرباء والماء لا قيمة لهما. والدخل الشهري للموظف يصرف بكامله دون حساب للمستقبل او لبقية الاعباء والمسؤوليات الدنيوية المتزايدة الاخرى، كما ان اصرار الحكومة على البقاء على نظام الدولة الريعي، من خلال الاعتماد الكلي على استخراج النفط وبيعه والصرف على المواطنين من ناتج البيع، يجعل من الصعب على غالبية هؤلاء الشعور بمسؤولياتهم الاجتماعية المباشرة عن الممتلكات العامة او عن التصرفات السيئة في المجتمع، فدور المواطن في الصرف على رواتب العاملين في الخدمة المدنية صفر، ولا يحق له بالتالي مراقبتهم ومحاسبتهم، بكونه دافع ضرائب، كما ان دوره في تمويل الصرف على مشاريع الدولة وممتلكاتها صفر، وبالتالي لا علاقة له بما يلحق بها من تلف وتخريب وسرقة وهذا النظام 'الفالت' فصل الفرد عن الدولة لصالح قوى الفساد والتخريب.
ان مشاري العنجري وفيصل الشايع، او غيرهما من اصحاب الضمائر الحية في مجلس الامة، وما اقلهم، مطالبان بزيارة ادارة الضريبة في وزارة المالية للاطلاع عن كثب على ما بإمكان هذه الادارة القيام به لخدمة الكويت على اعلى مستوى، والاطلاع على مشروع القانون المتعلق بضريبة الدخل الذي قامت باعداده على اعلى مستوى، وكذلك لمعرفة ما يعنيه قانون ضرائب محكم من اهمية قصوى، ليس فقط لتنمية موارد البلاد وتنظيم تحصيلها، ولكن لما للضرائب من دور في تهذيب سلوك المجتمع لصالح الجميع!
***
ملاحظة:
لا نحتاج لمعرفة مدى صحة موقف المطالبين باسقاط قروض الدولة وشركات الاستثمار والبنوك عن المواطنين بمدى صحة موقف المعارضين لاسقاطها سوى استعراض اسماء الفريق المؤيد بأسماء الفريق المعارض! وحينها يمكن معرفة من منهم يقف ضد المصلحة العليا للوطن، الذي اصبح الكثيرون على استعداد لبيعه، ومن منهم مع الوطن ومصالحه العليا!

الارشيف

Back to Top