قارب السماري

بعد تعنت وتردد وافق المجلس البلدي (فعلا بلدي) على طلب وزارة الطاقة تخصيص قطعة ارض لبناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء.
ستمر سنوات ثلاث، وربما اربع، على اقل تقدير، قبل ان تبدأ هذه المحطة عملها بتوليد الكهرباء، هذا اذا لم يتسبب تنافس الوكلاء على الفوز بقصب بنائها في تأخير ترسيتها لسنوات اكثرِ وهذا يعني حتما اننا سنتعرض، ان لم يكن في الصيف المقبل فحتما في موسم الصيف الذي يليه، لبرنامج قطع كهربائي شبه ثابتِ فالاستهلاك بازدياد في كل يوم، وما توفره المحطات الحالية من طاقة كهربائية يكاد بالكاد يكفي البلاد حاجتها، وهذا يعني ان تعرض البلاد لأزمة نقص في الكهرباء امر حتمي!
سوف لن يلتفت اي من المسؤولين لتحذيرنا هذا، وستمر الاشهر وسنكتشف متأخرين مدى تسيب الحال في مختلف مؤسسات الدولة.
من المؤسف ان يحدث ذلك في دولة تمتلك مئات مليارات الدولارات من ارصدة واستثمارات ولا تعرف ما تفعل بها، ويكون لديها شح في الماء ونقص في الكهرباء وقلة في أسرة مستشفيات وعجز في الصفوف الدراسية!
لا نريد ان نلطم الخدود ونشق الجيوب حزنا وكمدا، كما فعل بعض المرشحين في مخيماتهم، على حالنا، ولكن من الواضح ان لدينا مشاكل ادارية حقيقية، وستصبح مزمنة وصعبة العلاج مستقبلا ان لم نتصد لها بالحل في أسرع وقت.
لقد اصبحنا نبدو في اعين الآخرين وكأن تأخرنا وتخلفنا الحضاري البسيط يزدادان مع زيادة ثرواتنا، وهذا أمر محير حقا!
من العبث انتظار قيام مجلس الوزراء، بجدول اجتماعاته المترهل، باتخاذ قرارات بخصوص احتياجات البلاد المستقبلية من الطاقة الكهربائية والمال والمستشفيات وغير ذلك العشرات.
ومن غير المجدي توخي الخير من قيام خبراء الدولة وكبار فنييها الذين تعودوا على عد الايام وقبض الراتب، ببط القربة، واعلان تقاعس كبار مسؤولي الحكومة عن القيام بواجباتهم.
ولكن، وهنا نتساءل وببراءة منقطعة النظير: اين دور المجلس الاعلى للتنمية والتخطيط، بكامل اعضائه الذين يمثلون مختلف شرائح المجتمع، من كل ما يجري في مؤسسات الدولة من تخبط في كل ما له علاقة باحتياجات البلاد المستقبلية؟
أليس من المحير انعدام دوره وانظمته في قمة هرم التخطيط المستقبلي؟
الا يبدو علينا وكأننا شعب جالس القرفصاء في مركب 'سماري' يبحر به الى الخراب من حيث لا يدري، واكياس المال ملقاة حوله لا يعرف ما يفعل بها؟

الارشيف

Back to Top