ِِِبالرغم من كل شيءِِ أنا متفائل

بالرغم من خسارتي لمبالغ كبيرة في بورصة نيويورك، وتأثر استثماراتي المتواضعة في اميركا، وتعرض قيم ما امتلك من اسهم وسندات في سوق الكويت لانخفاض كبير، وتأخر شحن بضائعي من موانئ الولايات المتحدة وزيادة كلفتها النهائىة نتيجة التغيرات السلبية التي طرأت على اجور الشحن والتأمين ضد مخاطر الحرب وما تبع وسيتبع ذلك من غرامات مالية نتيجة عدم تمكني من الوفاء بمواعيد اوامر الشراء في مواعيدها، وبالرغم من فقد آلاف الابرياء أرواحهم في حوادث تفجير مباني مركز التجارة الدولي والبنتاغون، وبالرغم من كل ذلك الشلل والخراب اللذين حلا باقتصاد كافة دول العالم، باستثناء افغانستان لعدم وجود ما يسمى بالاقتصاد لديها، أقول بالرغم من كل ذلك انا متفائل جدا بما سينتهي الامر اليه بعد هذه المأساة البشرية والمادية والامنية الرهيبة التي تعرض لها العالم اجمع، والتي لم يكن عقل عاقل يعتقد يوما بوقوع شيء يماثلها.
لقد حذرنا شفويا من جهة، ومن خلال مئات المقالات من جهة اخرى، من خطورة التطرف الديني وما يجره انغلاق الفكر والعقل من ويلاتِِ وقلنا وكررنا القول إن هذا التعصب كان ولا يزال العدو الاكبر للتقدم، والمتربص الدائم لكل انفتاح، والحاقد على كل ابداع، والمعترض على كل جديد، والكاره للآخر ايا كان، والرافض لأي دين او مذهب او فكر يخالف عقيدته ومذهبه ضيق الافق.
أنا متفائل بأن العالم اجمع، والعربي والاسلامي بشكل اخص، والكويت بصورة اكثر دقة، سيكون اكثر سلاما واكثر قابلية للتقدم بعد هذا الحادث، والذي كان من الممكن تجنبه لو انتبه من كان ولا يزال بيده الامر لما تشكله تلك الجماعات الارهابية من خطورة على حياة البشر واقتصاد وامن اية دولة كانتِ ومن المؤسف ان يكون الامر قد تطلب صدمة بمثل حجم كارثة نيويورك وواشنطن لكي يفيق سياسيو العالم، الاسلامي والغربي، من سباتهم ويكتشفوا مدى ما يشكله التطرف الديني، والاسلامي بالذات، من خطورة على امن شعوب الكرة الارضيةِ وسلامهم ورفاهيتهم.
انا متفائل بعد ان ظهرت حقيقة هؤلاء اخيرا وعرف العالم، باستثناء وزيري الداخلية والدولة للشؤون الخارجية في حكومة دولة الكويت، بأن عليه التكاتف لدحر قوى الإرهاب، فليس بإمكان دولة، حتى لو كانت بقوة الولايات المتحدة وبكل ما تمتلكه من تقنية وما لديها من ترسانة اسلحة رهيبة، القضاء على الارهاب بمفردها بعد ان استشرى الخطر وتجذر الوباء ووصل التعصب الى درجة يصعب على اي طرف اقتلاعه منفردا.
انا متفائل بان الحق سيسود في نهاية الامر، وان العقل سينتصر، وأن شمس الحرية ستشرق بعد كل ذلك اليأس والغم والهم الذي سيطر على قلوبنا في العقود الثلاثة الاخيرة.
فهل يشاركني احد هذا التفاؤل؟.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top