تساؤلات الى محافظ البنك المركزي

صرح السيد محافظ البنك المركزي للصحف المحلية بمجموعة من التصريحات التي نعتقد، بحكم تجربتنا المصرفية والتجارية المتواضعة، ان الصواب قد جانب الكثير من نقاطها:
1) نفى السيد المحافظ تشدد البنك المركزي في سياسته مع البنوك المحلية، كما نفى نفيا قاطعا تدخل البنك في السياسة الائتمانية للبنوك، لا من بعيد ولا من قريب.
وهذا الكلام بالاضافة الى افتقاره للدقة، خطير ويعني الكثيرِ فمن الخطورة القول بان الحكومة تضمن ودائع الافراد والمؤسسات لدى المصارف ولكنها، في الوقت نفسه، لا تتدخل في السياسة الائتمانية للمصارف، وهي بالتالي لا تعرف اين وكيف تستثمر البنوك ارصدة تلك الودائع المضمونة من الحكومة؟
ومن حسن الحظ ان تصريح السيد المحافظ غير دقيق، فالبنك المركزي، على عكس ما صرح، يتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالسياسات الائتمانية للمصارف!! ولا احتاج الى دليل هنا حيث ان مئات العاملين في ادارات الائتمان في مختلف البنوك المحلية على علم تام بطرق واساليب ومجالات تدخل البنك المركزي في السياسة الائتمانية.
ومهمة التدخل وتوجيه الائتمان من صلب وظيفة البنك المركزي التي لا تعادلها اية وظيفة اخرى اهمية وخطورة.
2) ذكر السيد المحافظ ان المركزي يقوم بالتفتيش على البنوك ليس للتأكد من انها تقوم بالتقيد بتعليماته بل للتأكد من انها، اي المصارف، لا تقوم بمخالفة 'سياساتها' وهذه هي المرة الاولى منذ 35 عاما من الخبرة والتواصل المصرفي التي اسمع فيها بمثل هذا الشيء، حيث ان مهمة التأكد من ان البنوك تقوم بتنفيذ سياساتها الخاصة بها عملية من اختصاص مدققي حسابات البنك الداخليين والخارجيينِ اما عملية التفتيش التي يقوم بها البنك المركزي، والتي لم يقم المحافظ لأسباب خاصة به بتحديدها، فانها تختص بالتأكد من ان المصارف تقوم بتنفيذ تعليمات المركزي الشفهية والكتابية والتقيد بالسياسات الائتمانية العامة التي يضعها لها وانها لا تقوم بمنح تسهيلات وقروض تزيد عن النسب المسموح بها وانها تقوم بالتقيد بسقوف الاقراض المحددة لهاِِ وغير ذلك العشرات من الامور المهمة الاخرى.
3) يقول المحافظ ان في كل دول العالم يقاس النشاط او الركود بالنمو الاقتصادي (!!!) وان اقتصادنا نما بنسبة 16% في الوقت الذي نما فيه الاقتصاد الاميركي في الفترة نفسها بنسبة 4.5% فقط!!
لا ادري لماذا نصر على مقارنة اقتصاد ريعي بدائي ومتناه في الصغر كاقتصادنا بأقوى اقتصادات العالم واكثرها تعقيداِ ومنذ متى كان ارتفاع الناتج المحلي دليلا على صحة الاقتصاد؟
وما هي الفرص الوظيفية الحقيقية التي قام الاقتصاد الكويتي والذي يصفه المحافظ بانه 'سليم ومتعاف' بخلقها في السنوات الثلاث الماضية، حيث يعتبر هذا الامر من المعايير الحقيقية لقياس حيوية ونشاط اي اقتصاد كان؟ ويتباهى عادة رؤساء الولايات المتحدة في خطبهم السياسية بعدد الوظائف التي خلقت في عهدهم كدليل على نجاح سياساتهم الاقتصاديةِ ونحن نعلم بان هذا ليس من وظائف وواجبات البنك المركزي ولكن من الذي حدد مبلغ 15 مليون دينار كحد ادنى لتأسيس شركات استثمارية ومن الذي منع تأسيس بنوك جديدة وِِو ِِو؟؟
4) ذكر السيد المحافظ بانه كان هناك 500 تاجر قبل الغزو ويوجد الان لدينا عشرة الاف!! ولا ادري ان قيل هذا الكلام على سبيل المزاح او هي ارقام يؤمن السيد المحافظ بدقتها!!
ايا كان الامر فنحن في مأزق حقيقي!!
فنحن اولا لم يكن لدينا 500 تاجر قبل الغزو، بل كان العدد اكبر من ذلك بكثير، اما عدد العشرة آلاف الذي اشار اليه فهو لا يعني شيئا ابدا فزيادة الرخص التجارية في بلد ما لا تعني ان اقتصاده سليم ولا يعتبر من المؤشرات الاقتصادية التي يعتد بها اصلا.
5) ذكر السيد المحافظ ان وجود البنوك الاجنبية امر حتمي ومفيد!!
وطالما كان الامر كذلك فما هي الخطوات التي اتخذها المركزي لتحقيق ذلك على مدى السنوات العشرين الماضية؟
6) واخيرا، اكد السيد المحافظ بان الحكومة قدمت ما لديها لاصلاح المسار الاقتصادي واصبح الان على مجلس الامة دور اكبر، ومن مصلحة البلد عدم تأجيل اي قرار في هذا الاتجاه.
ونحن هنا نطالب السيد المحافظ بتزويدنا بكشف يبين الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لاصلاح المسار الاقتصادي وذلك لنقوم بدورنا بالضغط على ممثلينا في مجلس الامة للقيام بما تبقى عليهم القيام به، حسب قول المحافظ.
ونود في هذه العجالة ان نطرح التساؤلات التالية:
ما هو سبب اصرار البنك المركزي على التمسك بتحديد سعر صرف الدينار قياسا بسلة من العملات!! في الوقت الذي نعرف فيه جيدا ان كل العملات التي تتضمنها تلك السلة الوهمية لا تعني شيئا قياسا بوزن الدولار فيها؟! وعليه، لماذا لا يتم ربط الدينار بالدولار اسوة بما قامت به بقية دول مجلس التعاون؟؟ ولماذا نثير الشبهات حول الطريقة السرية التي يتم بها تحديد سعر الصرف والتي لا يحددها، كما هو معروف، الا طرف واحد فقط؟
ما هي الاسباب التي جعلت من الكويت اولا وليبيا ثانيا من اكثر الدول تصديرا للاموال للخارج، او هروبا منها؟ في الوقت الذي احتلت فيه السعودية المرتبة الاولى خليجيا وعربيا في استقطاب الاستثمارات الجديدة التي كانت بحدود 45% من كافة حصة الدول العربية مجتمعة؟

الارشيف

Back to Top