سد 'أتاتورك' ولجان الوقف

يتعرض معهد الكويت للابحاث العلمية للكثير من السخرية والانتقاد في وسائل الاعلام والديوانيات، ويعود معظم ذلك الانتقاد الى جهل الناس بطبيعة عمل المعهد وما يقوم بأدائه من وظائف ابعد ما تكون عن طبيعة حياة الناس اليومية المتسارعة التي تريد ان ترى نتائج اي عمل وتأثيره على حياتها لكي تقتنع بجدوى الصرف عليه والاهتمام بوجوده.
اثبتت حالة نفوق الاسماك الاخيرة في المياه الكويتية مدى اهمية وجود مثل هذا المعهد العلمي، وليس العكس كما يحب ان يعتقد البعض، فالبيئة البحرية تتعرض يوميا لتغيرات هائلة نتيجة مجموعة من العوامل التي لا نستطيع ان نتحكم فيها، ولكن يمكن مراقبتها واتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة تأثيراتها السلبية.
فبحر الكويت شبه مغلق ولا تتبدل مياهه بسرعة، والمؤثر الاساسي على كافة احيائه المائية سواء من ناحية نوعية تلك الاحياء او كمياتها واماكن تواجدها يعتمد بشكل اساسي على نسبة ملوحة المياه، وهذه تعتمد على كمية المياه الهائلة العذبة التي تصب في شط العرب وتنتهي في الخليجِ وتعرضت البيئة مؤخرا في شمال الكويت الى تغيرات هائلة نتيجة قيام النظام العراقي بتجفيف منطقة الاهوار من جهة وتحويل نسبة كبيرة من مياه دجلة والفرات الى نهر كبير ثالث، والذي اصبح تحول مصبه الى خور الزبير.
والامر الآخر الذي سيكون له تأثير اكثر سوءا على البيئة البحرية وعلى نوعية وكمية عدد كبير من الثروة السمكية المهمة مثل الزبيدي والصبور والربيان الشحامي، وهو ما تقوم السلطات التركية ببنائه من مشاريع سدود كبيرة ستحجب عند الانتهاء من انشائها عام 2007 نسبة كبيرة من المياه عن العراق وسوريا، وستكون لها نتائج تقرب الى الكارثة عليهما وعلى البيئة البحرية في الكويت.
وكما هو متوقع فلم تقم اية دولة معنية بالامر باتخاذ كافة الاستعدادات لذلك اليوم، فهو بعيد عنا، وعندما يحل اجله سيكون الكثير من الامور قد تغيرِ ويبدو ان البعض يراهن، كالعادة، على معجزة من السماء.
وهنا تظهر اهمية وجود معهد الابحاث العلمية بدائرته المختصة بالزراعة البحرية والثروة السمكية بمشاريعها المتعلقة باثراء المخزون السمكي ومواجهة التغيرات البيئية المتوقعة في المنطقة حاليا وفي السنوات القليلة القادمة.
قمت وبعض الاخوة بزيارة دائرة الزراعة والثروة السمكية الواقعة بجانب النادي البحري في السالميةِ وبينت المحاضرة التي استمعنا لها والجولة المفيدة التي قمنا بها في انحاء الدائرة مدى اهمية ما تقوم به من عمل هام يتعلق بأمن البلاد الغذائي، واكتشفنا خلال الجولة ان بامكان الادارة عمل الكثير من اجل البيئة وثروة البلاد الثانية بعد النفط لو توفرت لها الامكانيات المادية اللازمة لاجراء العديد من الابحاث الضرورية، ولكن شح مواردها من جهة واستمرار مسلسل تناقص ما يتم تخصيصه لها سنويا من اعتمادات مالية من جهة حد كثيرا من نشاط هذه الادارة الحيوية.
وتساءل بعض الاخوة الحضور من الاعلاميين عن دور لجان الوقف في تمويل ابحاث الادارة فكانت اجابة بعض مسؤولي المعهد سلبية غير سارة، حيث تبين ان ليس لتلك اللجان بالرغم من تعددها وتعدد اهتماماتها اي دور يمكن ان يسجل لها في هذا الامرِ تذكرت وقتها المبلغ الكبير الذي دفعته الامانة العامة للوقف، والذي بلغ 325000 دولار نقدا، للمركز الاسلامي في نيويورك فقط لانه يدار من قبل حزب الاخوان المسلمين هناكِ وتذكرت كذلك مبلغ المائة ألف دولار الذي دفع لمجموعة من المجلات شبه الوهمية 'كرمال' عيون اصحابها الحزبية ومبلغ مائة ألف دولار ثالثة دفعت لدعم مشروع مدرسة الرؤية التربوية التي لم يتسن لاحد رؤية اي من نتائج اعمالها، او حتى ان كان لها اي وجود، ومبلغ المائتي ألف دولار الاخرى التي دفعت لجمعية احياء التراث عام 96 لانشاء مركز تدريب 'فني' للرجال لم نشاهد او نسمع بمخرجاته الفنية حتى اليوم.
ولا ننسى بطبيعة الحال مبلغ ال340 ألف دولار التي منحت للجنة الخيرية العالمية لانشاء صالة لكبار زوار اللجنة المنتمين لحزب الاخوان المسلمين.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top