ملعقة الوزراء الذهبية

أكتب مقالي هذا من اليابان، بعد أن وصلت اليها على الإماراتية، ومن الطبيعي أنه لا هي، ولا الإماراتية تركا لدي مجالا لنقد شيء، وسنكتب عن انطباعاتنا في الأيام القادمة!

كتب الزميل وليد الجاسم مقالا في «الوطن» تطرق فيه، بألم، الى الوضع المخجل لكثير من مرافق الدولة، ومنها بوابة دخول القادمين الى مبنى المطار التي شبهها بباب ملحق للإيجار، وبما يجده المسافر بعدها من تكدس عشرات طالبي الإقامة، أو «الأيانب»، الذين تغيرت ألوان وجوههم من شدة الزحام والتوتر بانتظار استلام تأشيرة الدخول واضطرار الجميع، حسب وصفه، لممارسة كم كبير من ضبط النفس، وفي وضع ابعد ما يكون عن الإنسانية. وقال انه اضطر الى أخذ ابنه الى دورة المياه، وهناك اكتشف أنها تشبه حمامات بيوت عزاب بنيد القار، وأن مستواها أقل من نظيرها في أي مخيم. وأنه تحسر كثيرا على الكويت، التي بلغ بها العجز بحيث أصبحت غير قادرة على بناء دورة مياه محترمة. وقال انه مسح وجه ابنه بالماء، ومسح دمعتين غلبتاه، وتساءل بحسرة عما ينتظر ابناءه في القادم من الأيام! وختم مقاله بأنه لو كان مسؤولا لمنع الوزراء من السفر عبر قاعة التشريفات، ولألزمهم بأن يعيشوا حياة المواطنين ويذوقوا معاناتهم!

تذكرت كلمات صديقي وزميلي الجاسم وأنا أستخدم حمام وصالة الإماراتية في مطار الكويت، وتساءلت عن كيف استطاعت بناء صالة جميلة وحمامات نظيفة في مطارنا وعلى أرضنا ولم نستطع نحن أن نفعل ذلك؟ ولماذا قمنا بتأجير صالة التشريفات السابقة للإماراتية بدلا من تخصيصها لركاب الكويتية مثلا؟

أعلم أن مدير المطار، السيد فواز الفرح، يبذل الكثير لرفع مستوى الخدمة فيه، ولكنه يبقى جزءا من دولة متآكلة في مستوى خدماتها، بعد أن عشش الفساد في مرافقها، وأصبح الصرف السليم على الخدمة السليمة سلعة نادرة، وبالتالي ليس غريبا أن جو العمل في الكثير من المرافق مشحون بالتوتر والسلبية وقلة الاكتراث والإحباط. فهؤلاء الوزراء الذين يطالب الزميل الجاسم بإجبارهم على السفر في الطرق العادية ليروا معاناة بقية المواطنين، لم يولدوا وفي افواههم ملاعق من ذهب، بل سبق لهم أن مروا عشرات المرات بتلك المرافق، قبل أن يصبحوا وزراء، واشتكى بعضهم من تدني مستواها، وسيمرون بها بعد خروجهم من الوزارة، ولكن غالبيتهم، يا صديقي، لم يكترثوا يوما، ولن يكترثوا، لأنهم يعرفون أنه لا حساب ولا ثواب، فلم العمل، ولم الاهتمام؟.

الارشيف

Back to Top