طريقتان غير تقليديتين

تعتبر مدينة ريوديجانيرو، التي تعني بالبرتغالية، «نهر يناير»، من اكبر مدن البرازيل وأكثرها جمالا، واشتهرت عالميا بتمثال المسيح الضخم وبشاطئ «كوباكبانا» وبكرنفالها، إضافة لشهرتها كموطن لكبار المجرمين، الذين تلقي بهم مدن الفقر في شوارعها كل يوم.

في السبعينات، وعندما ضج الناس من تزايد الإجرام، وتكرار تبرئة عتاة المجرمين من قبل قضاة فاسدين، وعجز الشرطة ويأسها من الوضع، خصوصا عندما يرون من بذلوا الجهود والأرواح في سبيل القبض عليهم احرارا في شوارع المدينة. وهنا اتفق عدد من ضباط الشرطة، الذين ملأ اليأس قلوبهم، اللجوء الى طريقة غير تقليدية في التخلص من المجرمين، وبخاصة من مروجي المخدرات، وذلك عن طريق استدراجهم، ومن ثم قتلهم، ولكن في نهاية الأمر انكشف أمرهم.


***

تشكو الكويت منذ سنوات من تأخر تنفيذ مشاريعها الكبرى، وذلك بسبب بطء الإجراءات الحكومية وتعقد الدورة المستندية، وصراع ديوك المقاولات على الفوز بالمناقصات، هذا غير تدخلات بعض النواب والفساد الإداري، وتدني إنتاجية معظم موظفي الدولة. هذا كله ربما دفع جهة مهمة في الدولة للتفكير في طريقة غير تقليدية لتنفيذ المهم والعاجل من المشاريع الحيوية، التي ضج الناس من تأخر تنفيذها، وذلك باللجوء لأسلوب بسيط، بقدر ما هو غير تقليدي، وذلك بالدفع لقيام الجهات الرقابية المعنية للقيام بأعمالها في أقصر فترة، وترسية المناقصة على أفضل العروض، ومن ثم قيام تلك الجهة، وليس وزارة الأشغال مثلا، بالإشراف المباشر على تنفيذ المشروع، إن من جهة التعامل مباشرة مع المقاول، أو في ما يتعلق باعتماد مواده بأسرع وقت، ودفع مستحقاته له أولا بأول، وبالتالي جعل الدورة المستندية في أضيق الحدود.

وقد تم بالفعل الانتهاء من الكثير من المشاريع المهمة بهذه الطريقة السريعة والفعالة.

لا يتفق الكثيرون بطبيعة الحال على صحة هذه الطريقة غير التقليدية في تنفيذ مشاريع الدولة المهمة، ولكن في ظل الأوضاع الخربة التي تعيشها الإدارة الحكومية، وعجزها، وشبه انعدام قدرة الحكومة على علاج الخلل، إضافة لما سيتطلبه ذلك من وقت، فإن الواقع يقول انه ليس أمامنا حاليا غيرها للإسراع في تنفيذ المهم من المشاريع.

وعلى الرغم من كل ما قد يثار حول الطريقة، وبخاصة فيما يتعلق بالتكلفة النهائية، وعلى الرغم من عدم صحة هذا الإدعاء، فإن الوفر في الوقت والجهد المتحقق أكثر بكثير من التكلفة الإضافية ان وجدت.

لسنا من مؤيدي اللجوء الى هذه الطريقة، ولكن ليس في الإمكان حاليا غيرها، وما تطلبه إقرار مشروعات مثل جسر جابر وجامعة الشدادية ومستشفى جابر وغيرها، من تأخير وتكلفة عالية، خير دليل!

ليس هناك شك في أن ليس من مهام هذه الجهة المهمة القيام بمثل هذه الأعمال، فعمله أهم من ذلك، ولكننا في الوقت نفسه نتمنى أن يكون «تدخله» مؤقتا، وان تستفيد الجهات المعنية، بأسرع فرصة، من الطريقة التي اتبعها، وهذا يتطلب طبعا قيام تلك الجهات قبل ذلك بإصلاح أنظمتها الخربة والمترهلة!

• ملاحظة: 

متى يعود الزميل الكبير عبداللطيف الدعيج للكتابة في القبس؟ لقد طال اشتياقنا لقراءة مقالاته.


أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top