عندما يختفي الحياء!

يعتبر بول جوزيف غوبلز، وزير دعاية أدولف هتلر، واحداً من أبرز النازيين، وكان له دور أساسي في الترويج للفكر بطريقة خبيثة.

كان غوبلز يقول: كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي. كما أنه صاحب القول الشهير: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. إلا أنه ربما كان أكثر استقامة، وحتماً أكثر وضوحاً وصراحة من بعض ممثلي الأحزاب الدينية، الذين قالوا في المجلس والانتخابات السابقة ما لا يمكن قوله في أكثر الأمور شراً وضرراً وبؤساً، ثم عادوا عن مقاطعتهم، وقرروا المشاركة في نفس «الشرور والأضرار والبؤس»، من دون حياء، ولا احترام لسابق وعودهم بمقاطعتها. لقد كان غوبلز، على الأقل، صاحب كذب ذكي ومبرمج يعتمد على استراتيجيات محددة. ولكن ما رأيناه أخيراً من معظم «المقاطعين» السابقين كان أمراً مختلفاً، خصوصاً عندما اختلط كذبهم بغباء مفضوح.

أتفهم رغبة بعض هؤلاء في العودة لدائرة الضوء، بعد نسيان الناس لهم، وخفوت أصواتهم وتجاهل الإعلام لهم، فهذا حقهم، خصوصاً بعد ان اكتشفوا أنهم خسروا الكثير من المقاطعة، التي افسحت المجال لمن يعتقدون أنهم أقل منهم مكانة وأحقية بالكرسي الأخضر، وأن أذن الحكومة يجب أن تنصت لهم وتكافئهم، وتزيد من تراكم ثرواتهم، بدلاً من أن تثري غيرهم. فأعذار وتبريرات العودة لحضن الحكومة الدافئ، والرغبات السياسية والشعبية، التي يودون تحقيقها والتبريرات التي سردها غلاة المتشددين دينياً منهم لنكوصهم عن سابق مواقفهم، غير مقبولة ولا مفهومة. فلا شيء تغير منذ أن قرروا مقاطعة الانتخابات قبل أكثر من ثلاث سنوات، ولم تحصل أي تطورات تتطلب وجودهم، ولا السياسة الحكومية تغيرت ولا هناك ما يشير إلى احتمال تغيير في رئاسة الحكومة أو المجلس، وبالتالي فإن كل ما سردوه من أعذار يعتبر في أحسن الأحوال أقرب للكذب منه إلى أي شيء آخر. وكان الأمر يهون لو أنهم عادوا «بسكات» من دون محاولة خداع قواعدهم بأن عودتهم ستشكل تغيراً في نهج الدولة وسياساتها العامة. فهم اعلم من غيرهم بعجزهم عن إحداث ذلك التغيير، في ضوء المعطيات المتوافرة على الساحة، التي لا تسمح بأي تغيير لا تريده الحكومة.

يقول الزميل والأكاديمي سعد بن طفله في تغريدة: «كيف لمن تصدر المعارضة وحمل بيرق الدعوة لمقاطعة الانتخابات ان يأتي اليوم ويترشح لها، وهو الذي سبق أن حث الناخبين على مقاطعتها، ثم يأتي اليوم ليستجدي أصواتهم؟ لا شك أنه بلا حياء!»، انتهى.

والدليل أن لا أحد من المقاطعين اعتذر عن سابق مواقفه، او عن سابق إساءاته لمن خالفهم وشارك في الانتخابات التي رفضوها، وجرموا فعل هؤلاء وخوّنوهم، والآن،«إن» نجح المعارض السابق، والمشارك القديم، في الوصول للمجلس فإن «المخوِّن والخائن» سيصبحان زملاء، وسيتبادلان القبلات، وهذا دليل آخر على أن هؤلاء يفتقدون أدنى درجات الذوق، لكي لا نستخدم كلمة أكثر صدقاً!.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top