المدرس الفلسطيني

تعليقا على مقال «خرابيط»، والفقرة الأخيرة منه، المتعلقة باستقدام مدرسين فلسطينيين، وصلتني عدة ردود، غالبيتها سلبية، ويمكن تفهم مشاعر من أرسلها. كما وردتني أخرى إيجابية، وكانت أفضلها رسالة من القارئ «رائد»، التي قال فيها إن استقدم مدرسين فلسطينيين، من دون أسرهم، وفلسطينيين آخرين، معهم لن يعني الكثير، تعلما! وإن وزارة التربية معنية بالنظر إلى الموضوع بعمق أكبر. فالكويت اليوم تشكو من هبوط عام في مستوى مخرجات مدارسها، مقارنة بمستواها المميز قبل الاحتلال الصدامي الحقير. وبالتالي لن يتغير الكثير إن لم نعد الوضع إلى «بعض» ما كان عليه في السابق. فالمدرس الفلسطيني حينها كان مخلصا في عمله، لأنه كان يدرس الكويتي مع أبناء وطنه وأبناء بقية العرب. وبالتالي كان في عمله، يبني لمستقبله. أما اليوم، وإن قبل الحضور للكويت، فلن يعمل بنفس الحماس وتلك النفسية، بل غالبا من أجل الكسب المادي، مثله مثل غيره.
وقال إن الطالب الكويتي لا شك استفاد في الماضي من وجود بقية الطلبة العرب معه في المدرسة. فهؤلاء، بسبب قدراتهم المالية المتواضعة، في الغالب، مقارنة بأقرانهم الكويتيين، كانوا أكثر إقبالا على التحصيل والدرس، وكانوا يشكلون حافزا للكويتي، وإن هذا الحافز اختفى اليوم مع اختفاء العنصر غير الكويتي من المدارس الحكومية.
وبالتالي، فإن عودة المعلم الفلسطيني اليوم لن يتحقق من ورائها ما هو مأمول، أو أن يحدث تغييرا يذكر، والسبب أن هذا المدرس سيحضر غالبا لوحده، فالراتب الذي سيتقاضاه، وهو يقل عن 600 دينار، لا يمكن أن يساعده في فتح بيت وإعالة أسرة كاملة. كما أن من سيقوم بتعليمهم سوف يكونون غالبا من الكويتيين، وليس بينهم أولاده، وأولاد أخيه أو أخته، لذلك فإن حماسه لن يكون كالسابق.
كما كان المدرس الفلسطيني، في فترة ما قبل الغزو، يعتبر نفسه مقيما في الكويت، لأجل غير مسمى، وبالتالي كان يعيش ويتصرف على هذا الأساس، ولم يشكل راتبه استنزافا لموارد البلاد، وهذا سوف يتغير! وبالتالي، بسبب انتفاء شبه الولاء للبلد، فإنه لن يتردد في قبول عرض مادي أفضل متى ما حصل عليه، لما في هذا الأمر من مساوئ، خاصة أنه سيعمل في بيئة غير مرحبة به تماما، بسبب مواقف زعاماته من قضية احتلال الكويت.
ويستطرد رائد قائلا: إن المدرس الفلسطيني سيجد نفسه مضطرا إلى ركوب موجة الدروس الخصوصية، وينضم لفريق «أكل العيش عايز كده»، بسبب سلبية المشاعر اتجاهه، ووقت فراغه الكبير! وبالتالي من الأفضل لوزارة التربية التفكير خارج الصندوق، وإعطاء الخيار مثلا لأبناء الوافدين للالتحاق بالمدارس الحكومية مقابل رسوم تقارب التي يدفعها الوافد للمدارس الخاصة، وبهذه الحالة نخلق بيئة تعليمية صحية ومتسامحة مع الآخر، وأكثر تنافسية وثراء، تدفع الكويتي إلى أن يفيد ويستفيد من خبرات زملائه الآخرين. كما يمكن، من خلال الرسوم الدراسية، دعم النظام التعليمي، واستقطاب أفضل المدرسين، برواتب عالية.
كما أن توفير الحرية للوافد في دفع ابنه باتجاه المدرسة الحكومية سيخفف الضغط على المدارس الخاصة، وسيدفعها إلى تحسين مستوياتها، وتحسين بيئة التعليم فيها، لوقف التسرب منها إلى المدارس الحكومية.
مقترحات جيدة، وجديرة بالدراسة، وقد لا تكون جميعها قابلة للتطبيق، ولكنها بحاجة إلى فكر خلاق يعرف كيف يستفيد منها في محاولة لانتشال مدارسنا من الحضيض الذي تقبع فيه حاليا.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top