الجدال في الختان

غير معروف على وجه الدقة، كأمور دينية كثيرة مماثلة، التاريخ الحقيقي لختان الذكور، ولكنه كان يعتبر، طوال التاريخ البشري، ولدى شعوب كثيرة، طقسا دينيا مطلوبا اتباعه لأسباب عدة إما لتمييز ذكور جماعة عن أخرى، أو يطبق على جماعة كأسلوب إهانة، وبالتالي كان يمارس لأسباب تختلف من مجتمع لآخر. فأقدم ما لدى البشر عن هذا الموضوع نجده في آثار الفراعنة، حيث كان الختان أمرا عاديا. تغير الوضع مع احتلال الإغريق (الإسكندر الأكبر) لمصر، وهؤلاء كانوا يعارضون الختان. ونجد ذلك واضحا في تماثيلهم العارية. وقد أشار المؤرخ هيرودمتوس قبل 2500 عام إلى أن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن الختان وسيلة لتطهير الجسد ونظافته. كما عرفت القبائل الأفريقية الاستوائية الختان منذ عقود طويلة، ولا يزال متبعا وهو يمثل وصول الرجل لمرتبة المحارب. كما عرف سكان استراليا الأصليون الختان. وعرف الفينيقيون الختان، ومورس في سوريا وفلسطين.
وتروي الأساطير اليهودية أن الختان مارسه إبراهيم على نفسه بأمر سماوي. كما أن حاخامات اليهود يعتبرون أن إزالة القلفة رمز لوضع الختم على وثيقة العقد. ومع بداية القرن الميلادي الثاني انحصر الختان في قدماء المسيحيين واليهود كما اتبعه العرب الأنباط، وكان نادرا وجوده كطقس ديني خارج هذه المنطقة.
ومع القرن 19 انتشرت حملات طبية لمصلحة إجراء الختان، وكانت الدول الناطقة بالإنكليزية الأكثر تجاوبا مع تلك الحملة إضافة إلى كوريا وكانت أرقام المختنين في هذه الدول ترتفع وتنخفض طبقا لما كان ينشر من ابحاث مؤيدة أو معارضة للختان.
ومع دخول العلم الحديث إلى الميدان بين أن من فوائد الختان الأمور التالية:
الختان يقلل من عدوى الالتهابات، أو إصابة العضو التناسلي بالسرطان. كما بينت الأبحاث أن المختونين اقل عرضة من غيرهم للأمراض الجنسية كالايدز والسفلس. وتنصح منظمة الصحة العالمية بختان الذكور. كما بينت أبحاث جادة عام 2001 أن النساء أقل تعرضا لسرطان عنق الرحم إن تزوجن رجلاً مختتناً.
أما مساوئ الختان، كما يشاع، فتكمن في شعور المختتنين بمتعة جنسية أقل، نتيجة فقدانهم للقلفة، التي بها أعصاب حساسة، ولكن لم يتم إثبات ذلك علميا. كما يعتقدون أن المضاعفات الناتجة عن عملية الختان لا تبرر إجراءها، وهي عملية إجراء لا داعي له طبيا. كما أنها تجري غالبا للأطفال وهم غير مخيرين في الأمر وقد يكون لهم في كبرهم رأي آخر، أو أنه يتضمن تشويها للجسد، بغير علم وموافقة صاحبه!
هذا في ما يتعلق بختان الذكور أما ختان الإناث، فعلى الرغم من انتشاره وخاصة في الدول الأفريقية فإن هناك إجماعا طبيا واجتماعيا على خطورته، ليس فقط على صحة الفتاة التي يجري ختانها، بل وللآثار غير العملية والسلبية، نفسيا وجنسيا السلبية، على المرأة، خاصة بعد زواجها، ولكنها عادة متأصلة ويحتاج الأمر لجهود كبيرة ومكثفة لوقف العمل بها واستئصالها من عمق عقليات مواطني دول كثيرة، وخاصة في المجتمعات النائية والفقيرة.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top