الحل الكهربائي

على الرغم من كل ما تبذله وزارة الكهرباء من جهود لتحصيل فواتير الاستهلاك، المتراكمة منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين عاماً على المواطنين، فإن معدل التراكم يزيد على معدل التحصيل، وسيأتي وقت لا يستطيع فيه الكثير من المستهلكين سداد ما عليهم، وسيطالبون «الماما» الحكومة بإلغائها عنهم. وأواجه شخصياً مشكلة في سداد ما تراكم علي من فواتير، لعدم توافر من يقبل الدفع مني، على الرغم من استمرار مراجعاتي، وكتبت مقالات وصرحت بذلك تلفزيونياً، ولكن لا أحد اهتم بما ذكرت لعجزهم عن فعل شيء في بحر الفوضى التي كانت، وربما لا تزال تعيشها الوزارة، التي تسبب بها سابق مسؤوليها، الذين اختاروا ترك المشكلة لمن سيأتي بعدهم، ولا بد من الاستدراك هنا والإشادة بالجهود الكبيرة التي يبذلها وكيل الوزارة م. محمد بوشهري، لكن الحمل ثقيل، وما يحصل في «الكهرباء» حصل في «الأشغال» و«الإسكان»، وغيرها من الجهات الحكومية، نتيجة السكوت عن التسيب والفساد. وقد نتج عن استمرار الدعم الحكومي لاستهلاك الكهرباء إسراف هائل من قبل الأفراد والمؤسسات، وزاد من استخدام موارد الطاقة الثمينة في إنتاج الكهرباء في الكويت والدول الخليجية الأخرى، مع استثناءات بسيطة، تحاول فيها هذه الدول تدارك أو تصحيح الوضع، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. فقد أظهر إحصاء صادر عن مجلس الطاقة العالمي تصدُّر الكويت لقائمة الدول الأكثر استهلاكاً للكهرباء في المنازل، حيث بلغ متوسط الاستهلاك المنزلي فيها 40.4 كيلوواط، في حين أنه لا يتجاوز في السويد 7.8، ونيوزيلندا 7.4. وعند قياس استهلاك الطاقة في الخليج، فإن معدل استهلاك الفرد للطاقة في قطر يعادل خمسة أضعاف استهلاك نظيره في ألمانيا. وبالرغم من أن معدل استهلاك الفرد من الطاقة في الولايات المتحدة يعادل مثيله في السعودية، فإن استخدام الأميركيين للطاقة لا يرتفع باستمرار، بل يشهد نمواً في كفاءة الاستخدام، ومشكلتنا في الخليج تكمن في أننا نستهلك كميات هائلة من الطاقة للشعور بالراحة، كالمبالغة في استخدام أجهزة تكييف الهواء، مقارنة بمناطق مماثلة في حرارتها، لكن مواطنوها يستهلكون نصف ما نستهلكه من كهرباء، والسبب أن سكان أريزونا مثلاً يدفعون ضعف سعر الكهرباء لكل كيلوواط مقارنة بما يدفعه غير المواطن في أبوظبي، وسبعة أضعاف ما يدفعه المواطن فيها. كما أن من بين العواقب المترتبة على زيادة استهلاك الكهرباء قلة المساكن غير المعزولة حرارياً، وأساليب حياتنا عموماً. وتعتبر مراكز تحلية المياه الأكبر استهلاكاً للكهرباء، ومع هذا تباع المياه في دولنا بأثمانٍ ضئيلة. لقد سبق أن ذكرت في مقال سابق أنه كانت في الكويت قبل 80 عاماً شركة كهرباء خاصة، وكانت الشركة صارمة في تحصيل حقوقها، حيث كانت تطالب بالسداد خلال أربعة ايام او سيتم قطع التيار، مع تحذير بعدم توصيله إلا بعد دفع قيمة الفاتورة، إضافة لغرامة كبيرة! وحيث إن الحكومة تبدو، حتى الآن، عاجزة عن تحصيل حقوقها، ولا يبدو في الأفق حل سريع للمشكلة، فإن الخيار الآخر هو بيع القطاع بأكمله لشركة يمتلكها كل المواطنين، مع حصة للشركة المديرة، هذا إذا أرادت الدولة أن ترفع عن كاهلها مشكلة هذا القطاع المزمنة، وتحصيل حقوقها بالكامل، وتقديم خدمة أفضل للمواطن والمقيم.. ولكن هل لهذا الأمر وجدت الحكومات؟. أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top