العودة إلى «قانون العار»

أطلق المحامي، والزميل علي البغلي لقب «قانون العار» على القانون الذي أصدره البرلمان الكويتي قبل نصف قرن، والذي حظر منح جنسية الدولة لغير المسلم! والغريب أن حتى من صوتوا يومها من النواب المعتدلين والوطنيين، وحتى بعض أعضاء الحكومة الأكثر استنارة وتقدما منهم، صوتوا إلى جانب ذلك القانون القبيح، والعنصري. ويكفي لمعرفة مدى سخف هذا القانون أن لا دولة في العالم، كما تسعفني ذاكرتي، أصدر برلمانها المنتخب مثل هذا القانون، ونحن الذين نحب أن يطلق علينا دولة الإنسانية. حتى إسرائيل التي تعتبر نفسها يهودية تمنح جنسيتها لكل أتباع الديانات، وبها أعلى نسبة من غير المؤمنين في العالم. إن هذا التزمت الديني ربما كان مفهوما في حينه، وربما في زمن «الصحوة غير المباركة»، ولكن كيف يمكن فهمه في وقتنا هذا بعد أن تبين ما جره التطرف الديني على العالم من خراب وعنف وكراهية، لاعتقاد كل طرف أن الله ورسله وملائكته يقفون معهم وليس مع الطرف الآخر. إن العالم أجمع من حولنا، والغرب بالذات، يحاول أن «يحتوي» المسلم ويجعله طرفا قابلا للتعايش معه، ويبعد عنه الشعور بأنه منبوذ أو مكروه أو يشكل خطرا على المجتمع. أما نحن فتصرفنا هو العكس تماما برفضنا لغير المسلم، والابتعاد عنه، وتصويره وكأنه يمثل خطرا على ثقافتنا، إن وجدت، وعاداتنا والبالي من تقاليدنا. وهذا يذكرني بإحدى التغريدات التي انتشرت مؤخرا ونصها: باقي ثلاثة أيام وننتهي من الدعاء على الكفار والمشركين.. ونسافر نعيد عندهم! وهذه التغريدة النكتة تبين بحدة أننا حتى في أعيادنا بحاجة لغير المسلم هذا غير حاجتنا له قبلها وبعدها ولما يصنعه من دواء وطائرات ومركبات وكمبيوترات وإنترنتات وجي خمسات، وما يزرعه ويحصده من غذاء، وما يوفره لنا من علاج وراحة وامن وسلام.. وبعد كل هذا نرفض، وبكل صفاقة، ومن خلال تشريع، أن يشاركنا في الوطن، وكأنه وباء. إن رفض منح جنسية الدولة للمميزين واصحاب الكفاءات سينتهي يوما لا محالة، وسينتهي القانون لسلة المهملات، ولكن إلى أن يأتي ذلك اليوم فإننا سنخسر الكثير لمصلحة دول اقل منا في كل شيء، فمتى نصحو ونعي خطورة الأمر، ونزيل وصمة العار هذه مرة وإلى الأبد؟ إن تصنيف البشر كمسلمين وكفار، ودار حرب ودار سلام أمر عفا عليه الزمن. وان من يريد تطبيق هذه المقولة من حقه ذلك، ولكن يجب أن يلزم حدود وطنه ويكتفي بطعامه، ولا يستخدم غير دوائه، وإن جرى احتلاله فعليه تحرير نفسه وقلع الشوك عن ظهره….. وهذا وضع لا تقدر عليه حتى أعظم الدول وأغناها. نحن لسنا دولة عباقرة، ولسنا مكتفين ذاتيا في اي شيء وحاجتنا للعالم، والمسيحي بالذات، رهيبة وكبيرة، فإلى متى هذا الاستكبار والتعالي الفارغ؟

أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top