لقد أتعبني من لا يود أن يفهم..!

يصعب الرد على الجهلة، ليس لقوة حججهم، بل لعدم رغبتهم في الفهم!!

***

تقول طرفة إن رئيسا غربيا اجتمع بآخر شرق أوسطي، وفي نهاية لقائهما عقدا مؤتمرا صحافيا قال فيه الغربي لرجال الصحافة العالمية انه وزميله قررا إلقاء قنبلة على دولة شرق أوسطية وقتل 200 ألف من مواطنيها، إضافة لقتل شقراء أميركية! فهب جميع المراسلين والصحافيين لطرح السؤال التالي: لماذا قتل أميركية شقراء؟ هنا التفت الغربي للرئيس الشرق الأوسطي وقال له بخبث: ألم أقل لك إن العالم لا يكترث لقتل 200 ألف منكم!

***

كتبت مقالا قبل ايام بعنوان «تآكل الإخوان» ضمنته كما من المعلومات والاتهامات، وذكرت فيه ان الإخوان المسلمين وصلوا إلى حكم السودان على ظهر سيئ السيرة جعفر النميري. لم يعجب أحدهم ما كتبت، ولعجزه عن الرد على كم الاتهامات التي وردت في المقال بحق حركة وتنظيم وعصابة الإخوان المسلمين، فقد ترك موضوع المقال، كما فعل المراسلون والصحافيون في مؤتمر الرئيسين، وركز على موضوع «إخوانية» جعفر النميري، وكيف أن ما ذكرته في مقالي غير صحيح، وان النميري لم يكن من الإخوان! أولا، أنا لم أقل إن النميري من الإخوان، والمقال في أرشيف القبس. ولكن لو افترضنا انني قلته فقد لا يكون بعيدا عن الحقيقة. فعندما يقال عن شخص إنه ليبرالي أو علماني أو إسلامي فهذا لا يعني أنه ينتمي لحزب ليبرالي أو إسلامي مثلا ويحمل هويته، بل وصف بذلك من واقع مواقفه، ومجمل آرائه عن الليبرالية أو العلمانية او غيرها. وبالتالي فقد لا يكون النميري من الإخوان، ولكنه تصرف على هذا الأساس خلال فترة حكمه المظلمة. فقد ورد في سيرته أنه أتقن ضرب الحركات والأحزاب السياسية بعضها ببعض وتغيير تحالفاته. فبعد أن كان نظامه يعتبر في بداياته يسارياً، تحول بعدها إلى الإسلاميين الذين منحهم الفرصة لتصفية حساباتهم مع خصومهم، وسرعان ما تصاعدت في ذروة حكمه الحركات الفكرية الإسلامية في السودان واكتظت الساحة السياسية بأفكار وأنشطة الجماعات الإسلامية بدءا بالإخوان المسلمين. وكانت هذه القوى كلها تدعو إلى تطبيق مبادئ إسلامية عامة استجاب لها النميري، وقام بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى على الجنوب الوثني والمسيحي، وطبق الحدود، أي الجلد وقطع اليد، التي كان ينادي بها الإخوان، ولا يزالون. عارضت كل القوى المستنيرة قوانين النميري، فكان مصيرهم السجن أو القتل، ومن هؤلاء المفكر السوداني الكبير الشيخ محمود محمد طه، عدو الإخوان، الذي أعدمه النميري في يناير 1985. أما ما يدعيه بعض الجهلة من فشل العلمانية مستدلا بفشل أنظمة الحكام العلمانية التي حكمت «الأمة» لعقود من الزمن، فهو استشهاد باطل وسخيف في الوقت نفسه، فحرام أن نطلق على أمثال صدام وبن علي والقذافي وبقية دكتاتوري «الأمة» بالحكام العلمانيين! فهؤلاء كانوا طغاة ولا شيء غير ذلك. وإن أردنا بالفعل أن نرى عظمة العلمانية فعلينا النظر للسويد والدول الاسكندنافية الأخرى وكندا وأستراليا وألمانيا التي تدخلت عشرات المرات لتطعم وتداوي وتوفر الملاذ الآمن لملايين المسلمين الذين تشردوا على أيدي طغاة الأمة وحركاتها الإسلامية.. هل فهمت؟ أحمد الصراف 



الارشيف

Back to Top