دعاتهم ودعاتنا

رحل الإعلامي السعودي سعود الدوسري عن دنيانا عام 2015، وكان صغيرا في السن نسبيا، وكان يقدم برنامجا بعنوان «نقطة تحوّل» على قناة mbc، يتعلّق أساسا بالبحث في سير البعض عن نقاط أو مراحل شكلت انقلابا في حياتهم، وكنت أحد ضيوف برنامجه، إضافة إلى أحد كبار قادة الصحوة، الذي أعلن مؤخرا تراجعه عن صحوته وعن سابق مواقفه بعد أن عاد الوعي له.. بطريقة الصدفة ربما! تبيّن من شريط مقابلة ذلك الرجل أنه كان يعيش حياة باذخة، ولا يزال، ولم يحاول إخفاء ممتلكاته الرائعة عن عدسة البرنامج، على الرغم من عدم اتفاق معيشته الباذخة مع الصورة النمطية التي نحملها في أذهاننا عن رجل الدين، أو ما يفترض أن يكون عليه. إن محاولة استغلال الدعوة أو التبشير الديني للاثراء أمر قديم قدم البشرية، وسبقنا الغير اليه، وكان لدعاة أميركا بالذات صولات وجولات في هذا الميدان، حيث حقق الكثيرون منهم ثروات هائلة، ولا شك في أن دعاتنا تعلموا منهم الكثير وساعدتهم ظروف «البترودولار» والحروب الدينية في أفغانستان وغيرها، في تكوين ثرواتهم وبناء مكانة بالغة الأهمية لأنفسهم في قلوب وجيوب أتباعهم، واختار الأذكياء منهم تاليا الانسحاب من الساحة بصمت لينعموا بما حقّقوه من ثراء، وأحدهم اختار التقاعد في مزرعته الخاصة والضخمة لزراعة القرنفل في دولة أفريقية جميلة، ولكن القدر لم يمهله كثيرا، وبقي السؤال: من أين أتى بثمن تلك المزرعة الضخمة، وهو الطبيب الذي كان يدعي أنه لم يكن يملك شيئا؟! اشتهر دعاة الغرب، وبالذات الأميركان، بدعاة التلفزيون، الذي كان السبب في شهرتهم، وغناهم، والوسيلة الرئيسية لتواصلهم مع الملايين من اتباعهم. من أشهر دعاة أميركا بيللي غراهام، الذي عمّر للمئة، وكان مستشارا روحيا لعدد من الرؤساء ومنهم آيزنهاور. كما اشتهر اليميني المتطرّف بات روبرتسون، الذي قارب التسعين، بنفوذه الواسع وتأثيره في السياسة الأميركية. ولم يقل منافسوه من أمثال جويل أوستين، وزولا ليفيا، الذي تحول من اليهودية ليعمل مبشرا بروتستانيا، عنه شهرة وثراء. كما كان جيمي سواغت، الأكثر إثارة للجدل، بسبب الحياة الصاخبة التي عاشها، وكانت عظاته تبث عن طريق 3000 محطة في نفس الوقت، ولكن تورّطه في فضائح جنسية أنهى علاقته بأتباعه، فانسحب منها، ولكنها استمرت. وقد شجع نجاح هؤلاء الدعاة غيرهم للدخول في الحلبة، حيث بلغوا العشرات، ومن نساء ورجال، بيض وسود، ومن أعراق متعددة أخرى، وكل يدعو لكنيسته ومعتقده يختلف عن غيره، وكيف أنه على حق. وقد برز مؤخرا الداعية كنيث كوبلاند، الذي تقدر ثروته المعلنة بـ 760 مليون دولار والذي برر امتلاكه لثلاث طائرات، خاصة أن استخدام الطيران التجاري لا يناسب وضعه كمبشّر وداعية. ولو أردنا الاستطراد أكثر في الحديث بالاسم والصوت والصورة عما جمعه «جماعتنا» في الكويت فقط لما وجد المقال طريقه للنشر، ولربما تعرّضنا لما هو أكثر سوءا! وبالتالي فإن الدعوة في نظر الكثير من هؤلاء ما هي إلا وسيلة لتحقيق النفوذ والثراء.. والأمثلة، أو ما تبقى منها على الساحة، تجدون صورهم في صحف كل صباح!

أحمد الصراف



الارشيف

Back to Top