ديموقراطية البنا وشراسة «الإخوان»
يعتقد الأستاذ محمد الرميحي أن نشوء حركة الإخوان المسلمين جاء كردّ فعل اعتراضي على سقوط الخلافة، وهذا يتماشى مع ما كان ينادي به البعض من أن دور مصر قد جاء لتنتقل اليها الخلافة الإسلامية، بسبب موقعها ومكانتها وثرائها النسبي. ويستطرد في مقال له في الشرق الأوسط بعنوان «مأساة رجل أم أزمة حركة سياسية؟» تعليقا على النهاية المأساوية التي لقيها محمد مرسي، من أن وفاته بيّنت ضحالة آلية الاختيار في التنظيم، وكيف أن تثبيته للرئاسة المصرية كان ظلماً له، بسبب تواضع قدراته السياسية، ولم يكن من الممكن فرز أحد لا يشابهه، حيث إن آليات التنظيم أصلا لا تسمح بذلك، فمرسي لم يكن قطباً، بل كان محصلة، فوقع في ما وقع فيه من أخطاء سياسية أصبحت معروفة، أساسها ارتباك مخلّ في ثنائية «حكم المرشد أم حكم الرئيس؟!». والحقيقة أن «الإخوان» ليسوا مؤهّلين اصلا لقيادة اي دولة بسبب ارتباط تفكيرهم وخططهم بالتراث بشكل اصيل، وهم محكومون بالماضي وليس بالحاضر، وماضي التنظيم وهيكليته غير قابلين للتبديل أو المرونة، وبالتالي يصعب عليهم الارتباط بالمستقبل وقبول الأدوات السياسية الحديثة، كتداول السلطة والحريات المدنية وحقوق الإنسان، وكلها أمور لا يقبلها اي منهج ديني. كما أن هيكليته الكهنوتية الأبوية لا تسمح بالنقد، من أي كان، بل السمع والطاعة من الجميع للمرشد الأعلى، وهذا ما أدّى الى تجميد أو طرد من أصرّ على النقد الذاتي، فإذا كان بداخله هكذا فكيف سيكون في الخارج مع معارضيه، وهو المعادي أصلا للديموقراطية بمعناها الشامل؟ فكيف يمكن ان يحكم تنظيم يعتقد أن جزءا من اي أمة هم أعداء وكفّار ولا يحق لهم بالتالي، تولّي أي من مناصب الدولة، حتى لو كانوا أفضل المؤهلين لها؟ وحتى اليوم، لا يوجد مصري واحد من «الإخوان» تجرّأ وطرح السؤال الحيوي: لماذا وصل الوضع في مصر في الثلاثين من يونيو الى ما وصل إليه، عندما خرج عشرات ملايين المصريين، منددين بحكم المرشد؟! لا أحد من «الإخوان» قبِل او تجرّأ على طرح هذا السؤال، والسبب أنهم حتى بعد مرور 91 عاما على تأسيس تنظيمهم غير مؤهلين لفكرة النقد الذاتي. كما تُبدي قيادة الإخوان، محليا وعالميا، شراسة، تقارب شراسة المافيا في الدفاع عن مناطق نفوذها، خوفاً على ما حقّقوه لأنفسهم وللتنظيم من ثروة وتغلغل في مفاصل الدولة. وليس هناك من يعرف هذه الأسرار عن «الإخوان»، مثل اولئك الذين كانوا يوما جزءا منهم، وانفصلوا عنهم، بعد أن تبيّن لهم انحرافه وتلاعب قياداته، ورفضهم للنقد أو إبداء الرأي أو معارضة المرشد الأعلى، أو التساؤل عن مصير أرصدة حسابات التنظيم. ومن هؤلاء ثروت الخرباوي، القيادي الإخواني السابق، الذي يعتقد أن نتائج انتخابات الرئاسة المصرية التي فاز فيها السيسي بأغلبية ساحقة، قضت على مستقبل «الإخوان» في مصر، لأنها منحته شرعية انتخابية لحكم البلاد.
أحمد الصراف