الطائر الذي في القفص

أجمع أصحاب الضمير على عدم دستورية الاستجواب الأخير، الذي قدمه النائب عادل الدمخي لوزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، وكان ماسخاً بكل المقاييس! وكما كان متوقعاً فقد وقفت كافة القوى الأصولية مع النائب المستجوب، لأن سقوط استجوابه يعني فتح مغارات علي بابا، أو أموال اللجان الخيرية المليارية، وكشف أسرارها، وهذا ليس في مصلحتها، وكان لا بد بالتالي من تسخير كل القوى، وسن كل السكاكين، للتخلص من الوزيرة خوفاً على مصالح هذه الجمعيات. وأجزم بأن كل ما وجه للوزيرة السابقة من اتهامات تتعلق بموقفها من المثليين وفتح البارات والحجاب، وانها صاحبة تغريدات مسيئة للبحرين، إن صحت أصلاً، لم تكن إلا ذراً للرماد في العيون، فحجم الطير الذي في القفص أكبر من ذلك بكثير. فبشهادة عتاة الإخوان والسلف وغيرهم فإن الكويت هي الدجاجة الباقية في الحظيرة، التي كانت تبيض دجاجاتها لهم ذهبا. ولم يكن أمرا مستغربا اتفاق حزبي السلف والإخوان، ليس فقط في موقفهما من وزيرة كانا سيتضرران حتماً لو أنها استمرت في منصبها، بل وأيضا في وقوفهما ضدي شخصيا، وأنا لست إلا صاحب قلم وزاوية صحافية، حيث أوكلا المحامين والمستشارين ورفعا القضايا بحجة أنني والقبس قمنا بالإساءة الى سمعتهما. يقول مسؤول سابق في «الشؤون» ان هناك جمعيات خيرية لم تقدم للوزارة أي بيانات مالية منذ سنوات، وهي تتبع الإخوان والسلف، وبعضها مدرج على قوائم الإرهاب. ويقال إن كل مسؤول حاول تحريك قضيتها كان «يُنصح» بترك الوضع على ما هو عليه، وعدم شطب هذه الجمعيات، لأن ذلك يعني ليس فقط خنق واحدة من الدجاجات، التي تضع كل يوم مجموعة من البيضات الذهبية الثمينة، بل لما يتضمنه الأمر من إساءة كبيرة الى حاضني هذه الجمعيات ورعاتها الحقيقيين. إن الاستجواب كان بالفعل أكبر بكثير من محاوره التافهة، وربما من هذا المنطلق «لحقت» الوزيرة السابقة حالها في آخر أيامها في الوزارة، وأصدرت قراراً «يلزم» الجمعيات الخيرية والنفع العام إصدار تقرير مفصل بنتائج أعمالها المالية والإدارية بحد أقصى 30 يوماً، بعد إتمام السنة المالية الخاصة بها، ونشره على موقع الوزارة الإلكتروني، ليكون بتصرف الجميع. وأعتقد أن القوى المستفيدة من بقاء الوضع على حاله ستحارب هذا القرار، وتسعى لإلغائه بحجج عدم جهوزية الموقع الخاص بالوزارة، وقلة الكوادر، وغير ذلك من أعذار، كيلا تضطر الى كشف أمور حاولت لأكثر من نصف قرن التستر عليها. نتمنى على صاحب كل ضمير حي، وعلى رأس هؤلاء سمو رئيس الوزراء، ووزير الشؤون بالوكالة، الإصرار على التمسك بهذا القرار، فإلغاؤه يعني استمرار الكارثة واستمرار المخالفات واستمرار تسرب أموال التبرعات الى جهات غير معروفة.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top