المصريون.. والدكتور عبدالله البدر

قبل الدخول في موضوع مقالنا، أودّ تكرار التحذير الحكومي الصارم: ابقوا في منازلكم، للتقليل، أكرر للتقليل، من حجم الكارثة المقبلة.

 يلقى الكثيرون من الجنود حتفهم على أرض المعارك، ولا يستدل أبداً على رفاتهم؛ ولهذا قررت حكومات دول غربية عدة تكريم أولئك الجنود المجهولين بطريقة رمزية، من خلال دفن رفات أحدهم في مكان مميز من عاصمة الدولة، وبناء نصب تذكاري حوله، تكريماً لكل أولئك الجنود المجهولين الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن. وبسبب عقليات متخلّفة، ليس لدينا نصب للجندي المجهول، على الرغم من توافر ما يماثله في أغلبية دول العالمين العربي والإسلامي! ويعود تاريخ أول ضريح للجندي المجهول إلى عام 1858 في الدنمارك، ولكن البداية الفعلية لهذا التقليد الوطني بدأت بعد الحرب العالمية الأولى، مع ضريح الجندي المجهول على مدخل قوس النصر في باريس بفرنسا عام 1920. يصعب علينا، ونحن منزوون في أركان بيوتنا أو زوايا شققنا، مشغولون بالمطالعة أو مشاهدة التلفزيون أو تقليب صفحات مجلة أو صحيفة أو الانشغال بالطبخ والنفخ.. يصعب علينا تقدير حجم الجهد الذي يبذله جنود مجهولون على خطوط التصدي ومكافحة أكبر وباء ضرب الكرة الأرضية، وشل كل مطار ودار عبادة ومدرسة وملهى، وقلب حياة نصف بشر الكرة الأرضية رأساً على عقب، وهو أمر لم يحدث ما يماثله حتى في أوج الحرب العالمية الثانية (1939 ـــــ 1945) والتي حصدت أرواح أكثر من ستين مليوناً من البشر. جنود الوطن المجهولون، الذين نتمنى لهم الأمان والحياة، نجدهم في كبائن القيادة في طيراننا الوطني، وفي مراكز الفحص والحجر الصحي، ووحدات العناية المركزة، وفي وجوه الممرضين والممرضات، وملامح الأطباء المنهكة، من كل جنسية وعرق ودين ومذهب، الذين واصلوا ساعات الليل بالنهار؛ ليحمونا من هذا الوباء. الجنود المجهولون هم رجال الإسعاف ونقل المرضى والمصابين بالوباء الذين أنيط بهم أمر العناية. الجنود المجهولون هم رجال الأمن، العين الساهرة، عندما نكون نياماً، والذين يبذلون جهوداً خارقة، ليس لحفظ الأمن فحسب، بل للقضاء على أوكار الفساد الحقيقية التي تناسيناها، في خضم اهتمام السخفاء منا بكعب عالٍ أو كتف عارٍ. الجنود المجهولون نراهم في عيون المباحث الجنائية، وفي جهود ومنجزات مراقبي وزارة التجارة الذين أمّنوا لنا قوت يومنا من بعض ضعاف النفوس، تجار الحروب. وفي جنود وزارة الخارجية. لا تكفي مساحة هذا المقال لذكر أسماء أو وظائف الجنود المجهولين، من البلدية والجيش وغيرهم، الذين يدافعون عن وجودنا وصحتنا وصحة أحبتنا، والذين يعملون جميعاً في ظل القيادة الحكيمة. فكل هذه الأمور، من دون مبالغة، ما كانت لتعني شيئاً بغير قيادة واعية بحجم الكارثة وباستعداد لبذل كل نفيس لوقف الدمار الصحي والاقتصادي والنفسي والتعليمي والاجتماعي.. على كل صعيد. شكراً لرئيس مجلس الوزراء، ولوزراء الصحة والتجارة والداخلية، الذين يقع عليهما العبء الأكبر من الجهد، ولا نبخس حق بقية الوزراء، حتى الذي اختار الحجر الصحي. وقد اخترت ذكر اسم الدكتور عبدالله البدر، وكيل الصحة المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية، عنواناً لمقالي، الذي تقع على عاتقه مهمة وقايتنا صحياً، وتوفير العناية الطبية لنا جميعاً، وقمت بذلك على الرغم من أن هيئته تقول إنه مختلف عني فكرياً، لأبيّن أننا في الملمات شعب واحد. كما أوردت كلمة «المصريون» في المقال، بعد أن لاحظت أن عدد قرّاء أي مقال يبلغ أرقاماً عالية لمجرّد ذكر الكلمة أو مرادفاتها في العنوان، ولكي يقرأ هذا المقال أكبر عدد ممكن، ويتذكروا: 

خليكم في البيت، مهما كانت درجة الضيق أو الملل.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top