فزعة للكويت و«بلاعي البيزة»

كتبت مقالا بعنوان فضيحة حملة «فزعة للكويت» وكان لافتا تجاوز عدد قرائه 212 ألفا على الأونلاين فقط، بخلاف قراء النسخة الورقية، أقول ذلك ليس تباهيا، بل لأبين ما كان للمقال من صدى في حينه. مخاوفي من ضبابية حملة «فزعة للكويت» كانت في محلها، خاصة بعد أن ظهر منذ اللحظات الأولى لانتهائها أن الهم الأكبر لغالبية من شارك فيها هو الحصول على نسبة الـ12.5 %، ولا شيء غير ذلك. ساهم موقف الوزارة وموقفنا وبقية المعترضين، ومنهم من شاركوا في الحملة، في إفشال مخططات «بلاعي البيزة»، وتم استثناء ما تم جمعه، للمرة الأولى في تاريخ الجمعيات، من استقطاع تلك النسبة المجحفة. ولكن تبين لاحقا، وكما توقعنا أيضا، أن حرمانهم من النسبة الدسمة لن يثنيهم عن إيجاد وسيلة إثراء أخرى، وهذا ما حدث فقد ذابت التبرعات كما ذاب قالب الثلج بين الأيدي في يوم قائظ، وأقوى دليل على ذلك الكشوف التي أصدرتها معظم الجمعيات (تحت اسم وشعار وزارة الشؤون) والتي أظهرت تفاوتا مثيرا للريبة في كل بنود الصرف وآلية التوزيع، وأرقام المستفيدين. فبمقارنة بسيطة بين الكشف الأخير والكشف الأول، الذي صدر في 10 ابريل، نجد في الأول أن مبلغا وقدره 1.271 مليون دينار صرف كمساعدات على 17 ألفا و500 أسرة، أي بمتوسط 72 دينارا للأسرة. في الكشف التالي نجد أن عدد الأسر أصبح 23 ألف أسرة، بارتفاع 5500 أسرة، والمبلغ الذي صرف ارتفع إلى 2 مليون و600 ألف، ولكن متوسط نصيب الأسرة ارتفع من 72 دينارا إلى 236 دينارا! فكيف يمكن تفسير أو تبرير هذه الفضيحة؟ وتكرر الأمر ذاته مع الكشف الثالث والرابع في تخبط غير بريء. كما ازيل بند زجاجات المياه بعد اتصالي بأعضاء في اللجان، وشاب عملهم ارتباك في كيفية التغطية على كل هذه التناقضات. ولو تم تشكيل لجنة محايدة للنظر في كيفية صرف العشرة ملايين لظهرت فضائح «بلاعي البيزة»! كما أكد لي من شارك في الحملة، ممثلين عن احدى الجمعيات الدينية، واسماؤهم موجودة لدي، بأن المشرفين على الحملة لم يقوموا باتباع الشفافية في شراء المواد الغذائية وغيرها، بل قاموا باختيار الجهات حسب «رغبتهم»، والشراء منها بالأسعار التي «اعتقدوا» انها الأفضل. أستطيع الجزم بضمير مرتاح أن في الأمر علامات استفهام كبيرة، وبعد كل هذا يأتي «مطفوق» ليطالب بتحصين العمل الخيري من المساءلة القانونية، ويأتي آخر ليطالب بعدم التشكيك في تصرفات بعض القائمين عليه! ملاحظة: بالرغم من وجود مئات آلاف المحتاجين في الكويت، وغالبيتهم عرب ومسلمين، إلا أن غالبية الجمعيات الخيرية اختارت أن لا تصرف شيئا من «ارصدتها» عليهم. وخوفي أن نرى ثورة جياع قريبا بين هؤلاء، بالرغم من أن الجمعيات الخيرية حصلت على عشرات تراخيص جمع التبرعات من الشئون، خلال «رمضان»، ولكنها اختارت صرف ريعها خارج الدولة، تاركين فقراء الكويت، أصحاب الحاجة الحقيقة والمستعجلة لمصيرهم! والأسباب معروفة بالطبع.

أحمد الصراف 

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top