معضلة «علماء الإسلام»!!

قضية «علماء الإسلام» محيرة للمثقف، ومربكة لرجل الدين، ولا أمل في زوال هذه الحيرة أو هذا الارتباك قريبا.

***

يطلق لقب «العلماء العرب» أو «علماء الإسلام» على كوكبة من أمثال الرازي وابن رشد والفارابي وابن سينا والخوارزمي وابن الهيثم والبيروني وجابر بن حيان وغيرهم. فهناك من يعتبرهم رمزا لما قدمته الحضارة الإسلامية للبشرية، وآخرون يرون عكس ذلك ويكفرونهم، والفئة الأخيرة هي الغالبة، والدليل على ذلك ندرة ما نجد من معالم أو صروح طبية أو هندسية أو تعليمية أو ثقافية، أو حتى شوارع وزنقات، تحمل أسماء أي من هؤلاء، وإن وجدت فإنها تعود غالبا لسنوات طويلة سابقة، وليست حديثة. يعتقد المتشددون أن هؤلاء «العلماء» يجب ألا ينسبوا للإسلام، فجميعهم أو غالبيتهم لم يكونوا مسلمين إلا بالاسم، ولم يكونوا حتى عربا، بل نشأوا وتعلموا في دار الإسلام، ولكنهم كانوا فسدة ومارقين عن الدين، ولذا كانت نهاية معظمهم مأساوية. ويذكر أن جل هؤلاء عاشوا وأبدعوا في عصر الدولة العباسية، وما بعدها وفي الفترة من 850م وحتى 1200م.

***

للباحث والمفكر السعودي إبراهيم البليهي وجهة نظر جديرة بالطرح تتعلق بموقفه أو رأيه بهؤلاء العلماء. فقد ذكر في حوار مع «تركي الدخيل»، قبل أن يصبح الأخير سفيرا، أن لديه مكتبة خاصة بأعمال هؤلاء العلماء وسيرتهم، وقرأ الكثير عنهم، وكان من أشد المعجبين بهم، ولكنه اكتشف بعدها بسنوات، وبعد تمعن وبحث عميقين، أن كل الذي ننسبه لهؤلاء الرجال وفضلهم على حضارة الغرب غير دقيق ونوع من «التخدير»! فابن رشد، وهو الأكثر تأثيرا في الحضارة الغربية، تأثر أصلا بأرسطو، واشتهر من خلال شرحه لكتبه، التي نسيها الغرب، وبالتالي فإن عمله يتمثل في إعادة تدوير الأفكار الغربية، المتمثلة في أفكار أرسطو، وليس الإتيان بشيء جديد. كما تبين له من دراساته أن لا أحد من «العلماء العرب او المسلمين» تتلمذ على «الثقافة العربية أو الإسلامية»، فجميع هؤلاء هم تلامذة الفكر اليوناني، فهي بضاعة هؤلاء وردوها إليهم. كما قال إن إصرارنا على الافتخار بأناس نبذناهم لقرون، وحذرنا من قراءة كتبهم أمر يدعو للسخرية. وأضاف، مستدركا، بأن هؤلاء العلماء عبارة عن «نجوم منعزلة» وليسوا من مجتمعهم، بل من خارج النسق الثقافي والعلمي لمحيطهم، وأصبحوا تاليا مرفوضين منه. وأن هناك فرقا بين العرب كأفراد والعرب كثقافة سائدة، وبالتالي فإن هؤلاء العلماء ليسوا امتدادا لمدارس قائمة، ولم يأت قبلهم أحد، ولا بعدهم تيار علمي أو ثقافي يكمل مسيرتهم، بل بقوا كأفراد.. ظهروا ثم اختفوا!.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top