جلال الدين.. وقراءة في الانتخابات

وقف النائب أمام وسائل الإعلام وأدلى بتصريح بيّن تواضع مستواه اللغوي والسياسي والفكري، مكرراً جملاً مملة بأن مسجات وصلته بأن هناك أمسية ستقام يوم 26 يناير 2014 للفيلسوف والشاعر مولانا «جلال الدين الرومي»، وأن مولانا هو الله فقط (!!). وقال إن الأمسية ستعقد في أحد الفنادق، ومن موقعه كنائب تواصل مع وزير الداخلية وطالب بوقف «المهرجانات التي تعلم الرقص والخزعبلات وأشياء دخيلة على الدين»!! وأن الأمسية للنساء فقط، وأن جلال الدين الرومي سيقوم بإعطاء دروس وطقوس معينة عن مذاهب لا نعرف عنها. وحدد النائب الوقت والمكان لوزير الداخلية، واسم المدعو «جلال الدين» وخزعبلاته!!

***

تلقفت قنوات تلفزيون محلية وإقليمية الخبر الطرفة، أو الفضيحة، ومسحت بنا الأرض. وتلقفت حكومتنا تصريح النائب بطريقة مختلفة، حيث وجدت فيه ضالتها، واختارته ليكون وزير إعلام الدولة، والمسؤول عن المكتبة الوطنية، وعن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وعن كل ما يصل إلى سمع المواطن والمقيم عبر عشرات وسائل الإعلام، الحكومية والخاصة، فمن أفضل من لا يعرف من هو جلال الدين الرمي؟ ولا يعرف أنه توفي قبل كلمته بسبعمئة وخمسين عاماً، وأنه ليس مدرساً للرقص؟ ليكون وزير إعلام الدولة، إضافة لمسؤوليته عن الأعلاف والماشية، فهل هي مصادفة؟ وهل كانت مصادفة أخرى اختيار وزير آخر سبق أن تسبب في الإضرار بزوجته من دون أن يعاقب، ليكون وزيراً للعدل، والعدل بالذات؟

***

دعونا نقلب صفحات الماضي وننظر للمستقبل بتفاؤل، حذر قليلاً. فمن الواضح أن نتائج الانتخابات جاءت عكس توقع الكثيرين، وكانت نسبة التغيير الأعلى في تاريخ المجالس النيابية. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً من الكفاءات لم يحالفها الحظ، كالنائب السابق أحمد الفضل، وعدم نجاح سيدات من أمثال عالية الخالد وغدير أسيري، فإن ما خفف من ذلك فشل عدد كبير نسبياً من النواب السابقين، من الذين دار لغط شديد حول سيرتهم وأدائهم النيابي، مع فرحتنا بوصول قلة نتوسم فيها الخير. ولكن يجب ألا تخدعنا كل هذه الأمور، فالعبرة في النهاية، كما تعلمنا من تجارب الماضي، تكمن في طريقة التشكيل الوزاري، واختيار رئيس الوزارة لفريقه، ليمكن بعدها محاسبته، إن فشلت الوزارة، وهذا ما لم يكن لنا حق فيه في السابق، لتدخل أكثر من طرف في طريقة تشكيل الحكومة. كما نتمنى اختيار وزراء من أصحاب الشخصيات القوية، ذات الخبرة العملية والسيرة الحسنة، وضرورة التخلي عن أسلوب مولانا «جلال الدين»، علماً بأن بعض الوزراء الحاليين، ولو قلة، أبلوا أحسن البلاء في عملهم، وعودتهم مرحب بها.

***

طريقة اختيار وتشكيل الحكومة القادمة ستكون لحظة تاريخية مفصلية make or break، وفرصة لن تعوض. فإن أحسن الرئيس الاختيار، فستنتعش النفوس العطشى لخبر إيجابي، وستكون تلك بداية خروجنا من النفق، بعد أن فقدنا الأمل في أي إصلاح حقيقي.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top