د. شفيقة ومدعي التقوى

ليس هناك من تصرف أكثر تعسفا من استغلال نائب لمنصات مجلس الأمة للتعدي بالقول على المواطنين الضعفاء، وعلى موظفي الدولة لعدم تجاوبهم مع «غريب» طلباته، أو ليمرروا معاملات قد تكون غير قانونية ، وهي ظاهرة ليست جديدة ولكنها بازدياد.

***

قام النائب أسامة مناور صاحب السيرة العسكرية العطرة في سوريا، ومن على بوديوم مجلس الأمة، بالتهجم على مديرة هيئة الإعاقة د. شفيقة العوضي، واتهمها بسوء الخلق مع المراجعين، وأنها «لم تحترمه» ورفضت طلبه الترخيص للدكتورة «ع. ص» فتح مدرسة خاصة للمعاقين داخل منطقة سكنية، بحجة أن الهيئة سبق أن رخصت لغيرها! لم تجدِ كل محاولات الدكتورة شفيقة إفهام النائب الهمام أن الترخيص لتلك المدرسة صدر قبل أربع سنوات، وجاء بعده قانون منع فتح مدارس خاصة للمعاقين في الأحياء السكنية، ومن حق المتظلم اللجوء للقضاء.

***

إصرار السيدة المديرة على موقفها لم يعجب النائب المشاكس، فتصرف بطريقة غريبة (كما أخبرني وزير سابق) ووجه تهديدا شديد اللهجة لها، بعد الإساءة لها أمام مرؤوسيها! ويقال إنه اتبع نفس الأسلوب مع دكتورة أخرى تعمل في وزارة الصحة، حيث هدد بشكايتها للوزير، ومساءلته إن لم يتخذ إجراء بحقها! ويبدو من كل ذلك أن النائب على عجلة من أمره لإثبات وجوده، والاستفادة من النيابة ما استطاع لذلك سبيلا!

***

لست في معرض الدفاع عن الدكتورة شفيقة العوضي، أو غيرها، ولا أعتقد أنها مديرة مثالية، فكلنا بشر، ولا يعرف حقيقة عمل هيئة الإعاقة إلا من تعامل معها كولي أمر لشخص معاق. فقد مررت بتجارب عدة مع أكثر من مدير للهيئة، على مدى ثلاثين عاما، وشاهدت الضغوط، الإدارية والنفسية، التي تعرض لها عدد منهم من نواب ومتنفذين كبار لتمرير غير القانوني من المعاملات، هذا غير الفساد الذي عشعش في الهيئة، وقصص التحايل الغريبة والعجيبة على القانون من مواطنين وموظفين في الهيئة، وتزوير شهادات إعاقة حملت تواقيع وأختام أطباء، سابقين ولاحقين في وزارة الصحة، والتسبب في سرقة أموال الدولة، الأمر الذي دفع أصحاب الضمائر منهم للتصرف بطريقة رسمية وحازمة مع الجميع، لعلمهم بأن خلاف ذلك يعني إما إصابتهم بانهيار عصبي، نتيجة كثرة المطالبات والضغوط والتعديات، أو إضاعة الوقت في مقابلة صاحب كل طلب، وقبول غير القانوني منها، كما حصل في السابق، لكي يرضا عن المدير ذلك النائب وغيره، خصوصا أن أعداد المراجعين للهيئة تبلغ المئات يوميا، والطلب على رواتب ومزايا ومكافآت المعاق كبيرة، وأعداد المعاقين بارتفاع مستمر.

***

لقد كشف النائب الهمام في كلمته التي تهجم فيها على الدكتورة شفيقة أن فتح مدرسة للمعاقين أمر مجز ماديا، حيث تدفع الدولة مبلغ 7000 دينار سنويا عن كل معاق، هذا غير ما يتم تحصيله من أولياء الأمور، وبالتالي المسألة قد تكون رغبة في الإثراء على حساب القانون، وليس مطالبة بحق، وهذا - إن صح - أمر لا يقبله صاحب ضمير، خصوصا عندما يأتي الضغط ممن يدعي التدين والتقوى. 

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top