رئيس الوزراء.. والقرآن الكريم

قد يكون الشعب الكويتي الأسهل إرضاء، أو كان كذلك، قبل تزايد أعداد ونفوذ جماعة «خذ ما اتخذ»! فمن الممكن جدا، كما ورد في كتاب الأمير للسنيور «ماكيافيللي»، وغيره من الفلاسفة، إرضاء الشعوب ببضعة قرارات إصلاحية. وهذا ما نريده حاليا من سمو الرئيس، فعلينا أن نرضى بالقليل، طالما أصبح محالاً بلوغ كل ما نرغب ونشتهي، بين يوم وليلة.

* * *

كشف تقرير حديث لهيئة مكافحة الفساد عن تسجيل تسعين بلاغاً خلال عام 2020، عن شبهات فساد في 37 جهة حكومية. وكانت أعلى الجهات المبلغ ضدها وزارة الصحة، تلتها وزارة الأوقاف(!!) ولو وجدنا لـ «الصحة» بعض الأعذار بسبب كارثة الجائحة التي أصابتنا والعالم، ودفعت مسؤولي الوزارة للتصرف بطريقة غير تقليدية، وهذا ما ستبينه التحقيقات، فما عذر وزارة دينية، يديرها الكثير من الغلاة الملتحين الذين يعتقدون أنهم من أفضل الخلق، لكي تحتل هذه المرتبة العالية في المخالفات؟ السبب هو الصبغة الدينية لهذه الجهات التي جعلتها تعتقد أنها فوق المساءلة، والتراخي في محاسبة المتهمين، وكبر حجم الميزانيات المرصودة لهذه الجهات مقارنة بالتعليم أو الثقافة! وبالتالي، على الحكومة التعامل مع الجهات الدينية، مع الاحترام لمكانتها، بنفس طريقة التعامل مع غيرها، فكلنا بشر، فـ«المال السايب»، كما يقال، يعلّم الحرام، مهما كان المتولي أمر صرفه. كما لم يكن غريبا ما كنا نكتشفه تاليا أن معظم الهاربين بأموال غيرهم، كانوا الأكثر تديّنا وصلاحا، كمثال النائب الهارب التائب، و«البلبل» الذي خرس عن النعيق بعد أن أُعيدت الجنسية إليه. فكيف يجدد لهيئة طباعة القرآن، ومثلها العديد من الهيئات التي لا عمل لها، وهي التي لم تطبع نسخة قرآن واحدة على مدى عشر سنوات، ثم يأتي الناطق الرسمي للحكومة ليعلن عن خطط التقشّف وضغط المصاريف؟ ما حاجتنا لطباعة ملايين النسخ من المصحف، والتي يمكن الحصول عليها من مصادر معروفة بنصف التكلفة؟ وماذا عن تطبيقات المصحف الإلكترونية التي يمكن عن طريقها تلاوة القرآن جهرا وصمتا، أو سماعه مرتلا بصوت جميل، مع شرح لكل كلماته وآياته وقصصه، وكل ذلك بلمسة زر على أي جهاز هاتف نقال، برعت حتى والدتي، التي بلغت التسعين، في استخدامه؟! على الرئيس التحلّي بالحزم، وحل كل الهيئات والمراكز العاطلة والباطلة، وتوفير مئات الملايين على الدولة، والأهم من ذلك إرسال إشارات عن جدية الحكومة في محاربة الفساد والتسيّب، والهدر غير المبرر.

(وإلى مقال الغد)  أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top