الإدارة الكويتية

تدار الكويت، كغيرها من دول العالم، من كم كبير من الوزارات والهيئات والأجهزة الحكومية، وشبه الحكومية الأخرى، من خلال مئات من كبار الموظفين الذين صدرت مراسيم عليا بتعيينهم في مناصبهم، والذين يتمتعون بنفوذ كبير على مسيرة الدولة.

***

لا تخطئ عين من تضطره الظروف إلى التعامل مع الجهات الحكومية ملاحظة سوء الأداء في الكثير منها، نتيجة ترقية أو تعيين ناقصي الأهلية والكفاءة في المناصب العليا، خصوصاً في الوزارات الفنية الكبيرة والتي لها علاقة أكثر من غيرها مع الجمهور، نتيجة اتباع سياسة التعيين بالواسطة، ونزول المسؤول بالبراشوت على وظيفته، متخطياً الأكثر خبرة وكفاءة، لأن الوزير أو رئيس الوزراء أراد ذلك من دون مراعاة لقواعد العمل ومتطلباته ومصالح المواطنين ومشاعر بقية موظفي الوزارة أو الهيئة التي تم التعيين فيها، وكل ذلك لإرضاء عضو مجلس أمة أو إسكاته أو كسب ولائه، ولتذهب مصالح الناس إلى الجحيم. كما أن هذا التعيين الفاسد يسبب قلقاً لشريحة كبيرة من المواطنين، وللأمر آثاره السلبية الخطيرة التي لا تعد!

***

بسبب غياب نظام تعيين واضح وصارم، وتخلف جهاز الخدمة المدنية، وترهل إدارته، فقد أصبح من الضروري قيام رئيس الوزراء بإعطاء الضوء الأخضر لنسف النظام الحالي البدائي، وإدخال نظام الاختبارات في اختيار القيادات. فمن غير المعقول تعيين خريج شريعة مثلاً، أو علوم إدارية في وظيفة فنية... وهكذا. فضرر وخطر تعيين موظف جاهل أخطر بكثير من وجود موظف فاسد على رأس عمله. فهناك سقف لما يمكن للأخير أن يسرقه، وقد يُقبض عليه ويدان، ولكن من الصعب ملاحظة أو تحديد ضرر تعيين جاهل مسؤولاً عن التعليم مثلاً، وهو بالكاد يعرف شيئاً عن موقع وزارته وكيفية الوصول إليها، فضرره سيمتد لأجيال، ويستحيل معرفة حجمه وأثره المخرب. والشيء ذاته ينطبق على تعيين غير مؤهل مسؤولاً عن شبكات الكهرباء أو خطوط الهاتف أو مراقبة الطيران، أو مدققاً في ديوان رقابي، إلى آخر ذلك من وظائف حساسة تتطلب تدرجاً وظيفياً صارماً، ومؤهلاً عالياً، وكفاءة، وهذا لا يمكن معرفته بغير نظام «اختبارات القياديين»، ووقف التعيينات القبلية والطائفية. فتطبيق ذلك كفيل بوضع حد لهذا التلف الخطير الحاصل حالياً في الإدارة الحكومية. ننهي هذه السلسلة من المقالات، التي لم تتضمن إلا اليسير من الأمور التي تشغل بال الأغلبية، ولدينا الكثير منها، ونأمل (مع الآخرين) ألا يكون من أوكلنا إليهم حل المشكلة.. هم جزء منها!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top