هل نحن أمام أبوزرافة آخر؟

ظهر الإعلامي «أحمد الشقيري»، ولا أعرف صفة أخرى له بالرغم من أنه يبدو «بتاع كله»، ظهر في كليب دعائي متفاخرا بمنجزات أردوغان وكيف استطاع، بما يشبه المعجزة، بناء جسر يعتبر الأطول بين الجسور المعلقة في العالم، خلال سنتين، دون دفع شيء(!)
يبدو الأمر لأول وهلة وكأنه إنجاز خارق للحكومة التركية، ودليل حنكة. وكيف تفتق ذهن الرئيس «أردوغان» عن فكرة تأسيس شركة مساهمة يشارك كل المواطنين فيها لتمويل بناء الجسر، وكيف أن المبلغ المطلوب جمع خلال نصف ساعة، واستعاد المواطنون أموالهم مع الأرباح... بعد سنتين!

نسي الشقيري، أو تناسى، كعادة الأخ «أبو زرافة»، والأخ «شايف كيف»، ذكر اسم الجسر وفي أية سنة بني وحقيقة تكلفته، ومن قام بتصميمه وبنائه!
***
ما قاله الشقيري أضر بمصداقيته وبالدولة التي حاول مدح إدارتها. فكلامه بعيد عن الحقيقة، وجاء في غالبه في سياق دعاية إخوانية، فآلاف المشاريع في العالم نفذت بطريقة «البي او تي»، دون أن تدفع الحكومات شيئا. أو عن طريق قيام شركة محلية او أجنبية ببناء الجسر وتحصيل رسم محدد على مستخدميه. وبالتالي ليس في الأمر إعجاز يستحق كل هذا المدح.
***
بسبب شكوكي في كلامه قمت بالبحث في غوغل فتبين التالي:

سمي الجسر باسم السلطان سليم، وهو الثالث في تركيا من نوعه، وصالح لاستخدام القطارات والسيارات عبر مضيق البوسفور، ويبلغ طوله 2،164 م، وبعرض 60 مترا تقريبا.

بوشر في بنائه في مايو 2013 واكتمل في أغسطس 2016، أي بعد أكثر من ثلاث سنوات وليس سنتين، كما ادعى الشقيري.

كما بلغت تكلفته الأولية 2.5 مليار دولار، ولكنها تجاوزت ذلك بكثير، خاصة بعد أن تعرضت الليرة التركية عام 2018 لهبوط حاد مقابل العملات الرئيسية، وانعكس ذلك على رسوم ومداخيل المستثمر «الأجنبي»، فالجسر مول وبني وأدير من قبل شركات أجنبية، مع تعاون مع شركات بناء تركية.
***
ورد في نشرة «بلومبيرغ» عام 2018، أي بعد سنتين من الانتهاء من الجسر، والعام الذي يقول الشقيري إن المواطنين الأتراك استرجعوا فيه أموالهم وأرباحها، أن شركة astaldi الإيطالية ستبيع حصتها في مشروع جسر السلطان سليم مقابل مبلغ 467 مليون دولار، بخسارة كبيرة، بعد أن فشلت في استرجاع استثمارها فيه، وبعد أن عجزت الحكومة التركية عن الاستمرار في تعويض الشركة الإيطالية، المشغلة للجسر، من المال العام. وتم الاتفاق معها على إعادة هيكلة «قرض بناء الجسر»، وتفويض بنك icbc الصيني، بصفته المنظم الرئيسي للقرض، لرفعه وإعادة جدولته ليصبح 2.7 مليار دولار.

فأين كلام الشقيري «الخرطي» من هذه الحقائق؟
***
يعتمد أمثال هؤلاء «المظهولين»، في التسلل لعقول مشاهديهم على «مهارات» عدة منها ذكر تفاصيل كثيرة لا علاقة لها بالموضوع الأساسي، وعدم ذكر الأمور المهمة كالتواريخ والأسماء، أو الإكثار منها بحيث يرتبك المشاهد، ويستسلم للمعلومات المغلوطة.

كما يعتمدون على قلة معرفة غالبية المشاهدين، وعجزهم عن البحث، في حال شكهم في ما يقال، والأهم من ذلك اعتمادهم على ذاكرة «الأمة» الضعيفة والقصيرة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top