معايير العفو الجميلة

تقوم وزارة الداخلية، خاصة في المناسبات الوطنية، بإصدار كشوف تتضمن أسماء المساجين، وتوصي أو تقترح على السلطات الأعلى العفو عما تبقى عليهم من مدد سجن.

يمثل العفو رسالة تُبرز قيم الرحمة والتسامح، خصوصًا في أوقات الاحتفالات، أو الإنجازات الكبرى. كما تساهم هذه الخطوة في تخفيف الضغط على المؤسسات العقابية، وتسهيل مشاركة، من يطلق سراحهم، أسرهم الاحتفال بالمناسبات الوطنية والأعياد، وتعزيز مشاعر التآلف والمحبة، وتكريس الانتماء والوحدة الوطنية، وتشجيع المعفى عنهم على التوبة، واعطائهم حافزا للالتزام أكثر بالقوانين.

لكل دولة شروطها عند إصدار عفو عن المساجين، لكنها عادة لا تشمل مقترفي الجرائم الخطيرة، كالإرهاب، والقتل، والخيانة العظمى، بل تشمل غالبًا السجناء الذين ارتكبوا جنحًا خفيفة، أو الذين قضوا معظم فترة عقوبتهم. فالغرض ليس التساهل، بل إعطاء فرصة جديدة للمذنبين.

بالرغم من فوائد العفو، الاجتماعية والمادية، إلا أن البعض ينتقدها خاصة إن لم يكن لدى هؤلاء ما يكفي من استعداد للاندماج في المجتمع، وقد يعطي العفو بقية السجناء شعورا بالظلم وعدم الإنصاف. أو يستخدم العفو كأداة سياسية، من خلال إرسال رسائل محددة، عن طريق إطلاق سراح مساجين قضية سياسية معينة، أو أعضاء حزب ما، وترك الباقين.

لا أعرف إلا القليل عن الشروط التي تتبعها وزارة الداخلية في تحديد المستحق للعفو من غيره، غير التي نسمعها منذ سنوات والتي تتعلق بالعفو عمن يحفظ القرآن. فالسجين الذي يتمكن من حفظ عدة سور من القرآن، تكون فرصته أكبر من العاجز عن الحفظ، وقد يكون الأخير أكثر استحقاقا لإطلاق سراحه، ومع هذا ظُلم، لعدم قدرته على الحفظ، علما بأن من يحفظ جيدا لا يعني بالضرورة أنه أكثر استقامة وصلاحا من غيره؟ وبالتالي يجب اتباع أساليب أكثر فائدة وأكثر دقة، كالطلب من السجناء المتعلمين تعليم غيرهم من الأميين القراءة والكتابة، مثلا، ومن ينجح في ذلك تسقط عنه أشهر أو سنوات من محكوميته. كما يمكن تشجيع السجناء على القراءة، بتوفير كتب قيمة وروائية لهم، ومن ينجح في تكملة رواية كل شهر، مثلا، تسقط عنه فترة محكومية محددة، علما بأن القراءة لها تأثير كبير في الإنسان، وتحسن من أخلاق السجين، وتزيد من فرصته في إيجاد وظيفة، بعد خروجه من السجن. كما أن القراءة تسلية وثقافة، وتغيّر الإنسان غالبا للأفضل، وتبعد السجين عن مشاركة المساجين الآخرين في تفاهاتهم. وكل هذه الأمور يتم تطبيقها في سجون عدة في العالم وثبت نجاحها. فهل سنرى شيئا أو تطبيقا لمثل هذه الإجراءات في سجون الكويت، خاصة اننا مقبلون على مناسبات وطنية عزيزة، قريبا؟


أحمد الصراف


الارشيف

Back to Top