كلام رواء المُبكي.. و«هلا فبراير»
في مقابلة صادمة، ذكرت الأستاذة بقسم الهندسة المدنية بجامعة الكويت رواء الجارالله، رداً على سؤال عن مدى تماشي مناهج مدارس التربية مع المعايير الدولية، فقالت: إن هناك مقاربات قامت وتقوم بها جهات، كالبنك الدولي واليونيسكو و«بيرلز وتيمز»، وأخطرها ما تعلق بعدد أيام الدراسة السنوية، في أي دولة، اعتماداً على بحوث جادة وموثقة، حيث بينت الدراسات أن طلبة كوريا، وهي الأفضل في القائمة، يقضون في المتوسط 15 عاماً في الدراسة، من الروضة وحتى الجامعة، وهكذا الحال مع بقية الدول المتقدمة. أما في الكويت فإن مجموع أيام الدراسة، للفترة نفسها، لا يزيد على ست سنوات (أكرر 6 سنوات)، بسبب قلة الأيام الفعلية، وهي الأقل عالمياً. وأضافت أن المشكلة الخطيرة الأخرى تتعلق بضعف تعليم اللغة الأم، وهي «العربية»، وتقع الكويت هنا أيضاً في قعر القائمة.
بسؤال المختصين اتفقت آراؤهم جميعاً على صحة كلامها، وأن الأمر ليس بجديد، ويعلم به قياديو الوزارة منذ سنوات طويلة، ولم يحاول، تقريباً، أيٌّ منهم فعل ما يكفي لتقليص تلك الهوة المخيفة. تقول صديقة ومربية وقيادية، تقاعَدت قبل سنوات: إنها في أول اجتماع للجنة تعليمية استشارية عليا، أثارت ما يماثل هذا الكلام، مستندة إلى نتائج مسابقات «بيرلز وتيمز»، التي تشارك بها الكويت، وتدفع مبالغ خيالية مقابل ذلك، ومع هذا لا تستفيد منها شيئاً، كمن يشتري سيارة ثمينة، ولا يستخدمها أبداً، وإنها بينت لهم الكيفية التي استفادت بها دول عدة، ومنها أمريكا، من نتائج أبحاث هذه الجهات، وكيف قررت أمريكا تغيير أنظمتها التعليمية وبالتحديد «نظام التقويم»، الذي يحدد مستوى الطالب، وصدرت الدراسة بعنوان a nation in risk أو وطن في خطر!
فإذا كانت قائدة العالم قد أدركت أن تعليمها سيئ وفي خطر، فما الذي سنقوله نحن؟ وتضيف المربية أنها، ومن شاركوها في اللجان، تسلّموا مكافآتهم المجزية، وكان ذلك آخر عهد الوزارة بأية محاولة جادة لتطوير أنظمة التعليم، وكانت المحصلة.. صفراً، وكان بإمكان الوزارة، على الأقل، الاهتداء بالتقرير الأمريكي المهم والفعال، لتجنب البدء من الصفر، لكن من دون جدوى.
يرى مختصون آخرون أن مشكلة التعليم لدينا أخطر من ذلك، فقد تبيّن من دراسة قام بها «البنك الدولي»، في 2003، أن الكويت الأعلى في الصرف على التعليم، والأفقر والأدنى في المخرجات، وتقارب مستوياتها أكثر الدول فقراً، ومن أسباب ذلك قلة الساعات الدراسية اليومية، الفعلية، وسيطرة جمعية المعلمين، الإخوانية، على العملية التعليمية، وتدني مستوى المعلمين، بشكل عام، وخاصة خريجي كلية التربية الأساسية، والمسيسيين منهم بالذات، وانخفاض مستوى المهارات التعليمية لدى المعلمين المحليين والخارجيين، وسوء المناهج، وقدم النظام التعليمي، وتركيزه على الملخصات، وتساهله شبه التام مع عمليات الغش، وتشجيع أغلبية الأهالي لهذا التساهل!
* * *
من الجميل الاهتمام بالتركيبة السكانية، وعظيم السعي لتحفيز الاقتصاد، ورائع تنويع مصادر الدخل، ومدهشة محاولات القضاء على الفساد، ومبهر الكشف عن المزورين والمزدوجين، ولكن ماذا عن التعليم؟ وهو المهمة الأكثر خطورة وأهمية، وسبب كل بلاوينا وتخلفنا؟
وكل «هلا فبراير» وأنتم بخير!
أحمد الصراف