الكويت تستحق أبو كرم

لم تصل أوضاع لبنان لهذا التردي والسوء، سياسيا واقتصاديا، منذ أن عرفته قبل أكثر من ستين عاما، بخلاف سنوات الحرب الأهلية بالطبع.
الغريب أن أخلاق الشعب هناك لا تزال، إلى حد كبير، كما هي، ولم تتدهور مع تدهور السياسة والوضع الاقتصادي المزري، ولكن استمرار الحال على ما هي عليه أمر مستبعد!
مشكلة لبنان لا تكمن فقط في الطائفية، وفي المحاصصة السياسية منذ 1943، ولا في تشجيع الكل للقوى الخارجية للتدخل المستمر في أخص خصوصيات وطنهم، بل وأيضا في نفسية اللبناني المميز والمبدع بفرديته، والعاجز عن العمل كفريق.
أحببت لبنان وطالما استمتعت بكل ما فيه، وسعدت بأهله، ولكني ندمت لأنني عرفته أكثر مما ينبغي، وربما كان من الأفضل لو أنني احتفظت بمسافة ما منه، ولم أتعمق كثيرا في مستنقعاته، وما أكثرها.
تدهور الوضع في لبنان أثر كثيرا في علاقاته مع الدول الأخرى، وانعكس ذلك سلبا على أوضاع الجاليات اللبنانية في تلك الدول التي أصبحت بغير سند أو دعم سياسي واضح من حكومتها. فبالرغم من قوة وأهمية الجالية اللبنانية في الكويت، والتي يعود تواجدها لاربعينات القرن الماضي، فان غالبية من مثّل لبنان كسفراء كانوا من النوعية المتواضعة الأداء، إلا في حالات نادرة، وكان طبيعيا أن تنعكس نوعية هؤلاء على وضع الجالية، وعلاقة لبنان بالكويت، ومؤسف أن نشعر في الكويت بأن حتى تعيين سفير كفء أصبح كثيرا، أو «وايد علينا»، وكل ذلك بسبب صراع البعض من الطبقة السياسية هناك، وعجزها عن البت في أمور مهمة ومستحقة.
احتفل لبنان قبل فترة قصيرة بعيد استقلاله الخامس والسبعين، وعلى سبيل الطرفة قيل ان فرنسا، التي كانت تحكم لبنان حتى عام 1943، احتفلت أيضا بمرور 75 عاما على انتهاء انتدابها على لبنان، وتنفسها الصعداء من «حرتقات» الكثير من ساستها!
حضرت حفل السفارة بعيد الاستقلال في أحد الفنادق الفخمة، ووجدت لبنان الذي طالما سعدت به، فقد كان احتفالا مميزا، بحضوره ووقائعه والكلمات التي ألقيت به، وحتى البوفيه كان مميزا وغير مسبوق في مثل هذه المناسبات، وتبين من كل ذلك أن لبنان، بالرغم من كل فساد وسوء وضعه، قادر أن يعطي، ويسعد.
وفي تلك المناسبة، ألقت السيدة نسرين ابو كرم، القائمة بأعمال السفارة، كلمة جميلة، تساءلت بيني وبين نفسي، بعد الانتهاء من إلقائها، عن سبب عدم تعيين من هم بمثل كفاءة هذه الدبلوماسية، ليكونوا خير سفراء لأوطانهم بدلا من النوعية البائسة التي مرت في سنوات مختلفة.
لا يزال لبنان قادرا على العطاء، ولا تزال الكويت، وستبقى ابدا، تستحق الأفضل، وجدير بالحكومة اللبنانية أن تحزم امرها وترفع من مستوى تمثيلها بتعيين السيدة أبو كرم سفيرة للبنان، فهي تمتلك كل المؤهلات لشغل هذا المنصب.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top