ميكو الفلسطيني

لا شك لدي في أن فلسطين ستعود يوما، ولو جزئيا، لأهلها، فهذا مآل التاريخ. وما يدفعني الى هذا الشعور، الذي قد لا يتفق معي البعض فيه، ليس إصرار الفلسطيني على التشبث بحقه، اقول ذلك ليس فقط من منطلق الاحترام لهذا الحق، على الرغم مما نال وطني ونالني واسرتي من أذى البعض منهم أثناء احتلال وطني، بل وايضا لما اصبح لموضوع الوعي بحقوق الإنسان، والآخر بالذات، من اهمية في العالم الحر الذي نعيش فيه، والذي أصبح فيه حق الشعوب في تقرير مصيرها أمرا أساسيا ويجد مناصرين له حتى بين اليهود والإسرائيليين، ومن هؤلاء ميكو بيليد mico peled، ابن الجنرال ماتي بيليد matti pelet الذي شارك في حرب 1948 وحاربنا كجنرال في حرب 1967.
ألف ميكو كتابا عن القضية الفلسطينية، وعلاقته واسرته بها، بعنوان «ابن الجنرال». وفي مقابلة مع محطة تلفزيون أميركية أجريت معه في يونيو الماضي، تحدث ميكو عن معاناة الشعب الفلسطيني وآماله وتطلعاته، وحقه في وطن مستقل، وكيف أن اليهود، وجزءا كبيرا من العالم، يعيشون تحت ثلاثة أوهام أساسية في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني ــــ اليهودي: أولها أن حرب 1948 كانت تتعلق بتأسيس دولة لشعب بلا وطن في أرض بلا شعب! وتحدث في هذا الجزء بإسهاب عن الحياة الثرية التي كان يعيشها الفلسطيني، قبل أن تحتل القوات الإسرائيلية بيته، وكيف رفضت والدته، وهي من مواليد القدس، السكن في أحد تلك البيوت. وحكى عن تجربة مر بها أحد المحتلين عندما وجد أن القهوة لا تزال ساخنة في البيت الذي تركه أصحابه على عجل! وتحدث ميكو عن الوهم الثاني المتعلق بحرب 1967، وكيف أن الجميع اعتقد أن إسرائيل بدأت ضربتها الوقائية لأن وجودها كدولة كان مهددا، وكيف أن والده الجنرال، الذي شارك بدور رئيسي في تلك الحرب، اخبره أن وجود إسرائيل لم يكن مهددا في أي لحظة، وأنه كان أمام مصر سنوات لتبني جيشها، وبالتالي كان من الممكن جدا تجنب تلك الحرب! اما ثالث تلك الأوهام فقد تعلق بالديموقراطية الإسرائيلية، وكيف أن هذه الدولة، التي تعيش منذ ما يقارب النصف قرن في عالمين متناقضين، لم تستطع أن تتعايش بجدية مع ما تدعيه من ديموقراطية، فلا هي على استعداد لإعادة الأراضي المحتلة لأصحابها ولا لإلحاقها بها، ومضطرة بالتالي الى اتباع سياستين متناقضتين، وأبعد ما تكون عن الديموقراطية! فما ينطبق على الفلسطيني من أحكام وقواعد وقوانين ونظم لا علاقة للمواطن الإسرائيلي بها، ويشكل هذا برأيه تناقضا فاضحا!
لو كنت مكان السلطة الفلسطينية، لما ترددت في شراء حقوق ترجمة الكتاب بعدة لغات وطباعته وتوزيعه في دول العالم الكبرى والمهمة!

الارشيف

Back to Top