السر الأكبر وراء نجاح الأمير محمد

أصبح الأمير محمد بن سلمان، في يونيو 2017، وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرا للدفاع، وهو لم يبلغ الأربعين من العمر، ومع هذا اصبح يترأس بجدارة مجلسي الشؤون الاقتصادية والتنمية والشؤون السياسية والأمنية، كما أصبح في سبتمبر 2022 رئيسا لمجلس الوزراء، ويمثل حالة استثنائية في تاريخ المملكة، حيث استطاع خلال فترة قصيرة، بكل المقاييس، أن يجعل اسمه الأكثر تداولا في وسائل الإعلام، في تاريخ الجزيرة، وسيصبح قريبا الاسم الأكثر شهرة في تاريخ المنطقة السياسي، متجاوزا بكثير شهرة من سبقوه من زعماء كبار.
***
كان أول نجاحات الأمير تطوير إجراءات شراء الأسلحة وإجراءات التعاقد ونظم استخدام وإدارة تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية، مستعينا بشركات استشارية عالمية، لوضع خطط لتحديث وتنظيم وزارة الدفاع، وتاليا وزارات أخرى. ومهد الطريق لإصلاحاته بسحب سلطة الضبط من الشرطة الدينية، وتنويع مصادر الدخل وتقليل العجز في الميزانية، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد، والأهم من كل ذلك تمكين المرأة السعودية من كامل حقوقها، فلا مجال لتقدم وازدهار أي دولة إلا برفعة المرأة فيها، ومشاركتها الكاملة في سوق العمل.

كما شملت إصلاحات الأمير مختلف التشريعات الحقوقية، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل والزواج والقضاء والتنقل والسفر، وتشجيع الاستثمار، والانفتاح الكامل على العالم، وكان التوفيق حليفه في مساعيه لمكافحة الفساد، حيث بدأ في حربه من الأعلى، ونجح في جمع أكثر من مئة وسبعة مليارات دولار أميركي من كبار رجال الأسرة والأعمال.

كما كان للتعليم النصيب الأكبر في اهتماماته، ووضع محاربة التطرف الديني نصب عينيه، متخذا قرارا بالقضاء على الإرهاب. وأطلق شعار رؤية السعودية 2030، وهي خطة اقتصادية اجتماعية ثقافية سياسية شاملة للمملكة، تؤسس لدخولها لعصر ما بعد النفط، من خلال بناء مدن عملاقة وغير مسبوقة في تصاميمها وأحجامها مثل نيوم، ومشروع «ذا لاين»، العظيمين، اللذين يبدوان بالفعل كالحلم!

كما نجح الأمير، أخيرا، في عقد صفقة ممر النقل الاستراتيجي بين الهند وأوروبا عن طريق عدة دول بينها المملكة، معززا دورها اللوجستي العالمي.
***
كل ما ورد أعلاه، وأكثر منه بكثير، ما كان من الممكن أن يتحقق، ولو قليلا منه، لو كان لقوى التشدد والتخلف دورها وقوتها السابقة، وهذا ما استوعبه الأمير الشاب، منذ اليوم الأول، حيث وضع حدا لكامل أنشطة الجماعات السلفية، وقضى تماما على خطر تنظيم «الإخوان المسلمين»، وبدأ بعدها رحلة إصلاحاته التاريخية.
***
إن كان للكويت أن تتقدم، فليس أمامها من خيار غير هذا الطريق، فلا تقدم ولا ازدهار ولا انفتاح ولا شبه إمكانية لتقليل الاعتماد على النفط، ولا تعديل التركيبة السكانية، ولا مجال لإصلاح التعليم، ولا تطوير القضاء، ولا أمل بدوران عجلة التنمية، بوجود الإخوان والسلف بيننا، فبوجودهم لن نحصد سوى الخيبة والتلف.

المصيبة الكبرى أن ما يحدث عندنا هو العكس تماما، فمتى نتعلم؟!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top