الإدارة وليس الذرة

قرر المركز الاستشاري للتنمية المستدامة في بريطانيا قبل سنوات رفض فكرة بناء جيل جديد من المفاعلات النووية، على الرغم من دعم الحكومة للفكرة، لان بناءها لا يشكل الرد المناسب للتحديات التي افرزها التغير في المناخ والاغراض الأمنية. واشار تقرير المركز الى وجود مجموعة سلبيات رئيسية للطاقة النووية وهي: عدم وجود استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع التلوث الذي سينتج عن استخدام الغاز النووي السام، فالعمر النصفي لعنصر البلوتونيوم الناتج عن مخلفات الوقود الذي تستهلكه محطات الطاقة، يقدر بحوالي 24 الف سنة، اضافة الى عدم التيقن من مدى كلفة بناء محطات نووية جديدة ومقدار المخاطرة الذي سيتعرض له دافعو الضرائب، وهناك ايضا الخطر المحدق ببريطانيا نتيجة استخدام هذه الاستراتيجية النووية، والذي قد يضعها في مواجهة نظام مركزي لتوزيع الطاقة المخصصة للخمسين سنة المقبلة، اضافة إلى الخطر الذي يتهدد الجهود المبذولة لتطوير كفاءة اداء الطاقة القائمة بسبب البرنامج النووي الجديد، واخيرا الخوف من هجمات ارهابية والتعرض للاشعاعات النووية في حال قامت دول اخرى ذات معايير امنية متدنية باتباع النموذج البريطاني!
كل هذا في بريطانيا، فكيف الامر في دولة متخلفة تقنيا وصغيرة حجما وسكانا كالكويت؟ علما بان بريطانيا تحصل الآن على %20 من حاجتها من الطاقة من مصادر نووية، ولكن بحلول 2020، ستنخفض النسبة الى %7 قبل ان يتم اغلاق محطات توليد الطاقة الحالية نهائيا في عام 2035. وقد حثت مفوضية المركز الاستشاري الحكومة على دعم مزيد من التوسع في البحث عن مصادر جديدة وبديلة للطاقة واتخاذ اجراءات جديدة من شأنها تعزيز كفاءة اداء الطاقة وتطوير تكنولوجيات حديثة مثل تقنية «امتصاص الكربون» للتعامل مع التهديد البيئي الناتج عن محطات الوقود. وقالت المفوضية انه بالرغم من فوائد الطاقة النووية، فإنها لا تقارن بالسلبيات الجدية، وان على الحكومة التوقف عن البحث عن حل سهل لمشكلة التغير في مناخنا وازمات الطاقة، والتي لا تقتصر على مشكلة واحدة ببساطة، وانه يجب البحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل الرياح والامواج والديزل والوقود العضوي، الخالية جميعها من الكربون، والتي يمكن ان تولد ما نسبته %68 - %87 من الطاقة الكهربائية اللازمة لبريطانيا في حال تم استغلالها بشكل جيد، وبالتالي فما نحتاج اليه في الكويت في الخمسين سنة المقبلة هو محطات طاقة محلية صغيرة، متعددة المصادر من رياح ووقود نفطي وطاقة شمسية، كما يتطلب الامر تقنين استخدام الكهرباء فوراً من خلال رفع الدعم عنها او توفيرها بنظام الشرائح، فما نشكو منه من هدر مخيف، بلغ الاعلى في العالم للكهرباء والماء، لا يمكن ان يستمر الى الابد.
إننا أكثر حاجة لإدارة فعالة منا لمفاعل نووي.

الارشيف

Back to Top