الحقائق السبع.. شبه المنسية

لا ضمان بأن كل خدمة أو سلعة غالية هي بالضرورة أفضل من غيرها.
***
مقارنة أوضاع الخدمات لدينا بدول الخليج مقارنة ظالمة شيئاً ما، لاختلاف نظم الحكم والإدارة بيننا. فلكي نصبح بمثل حيويتها الإدارية علينا إلغاء بعض الأجهزة الرقابية، والعمل بطريقة صاحب العمل المنفرد أو one man show، وهذا يعني عدم الاكتراث بتكلفة أي مشروع، فتنفيذه هو الأهم.

سوء طرقنا سببه ترهل الإدارة الحكومية، وانتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة، ولا علاقة للأمر بتاتاً بالديموقراطية، أو بغياب نظام «صاحب العمل المنفرد».
***
هناك مجموعة من الحقائق التي تتعلق بمشكلة الطرق، أولاها أن أياً من جهات الدولة الإشرافية أو الرقابية أو التشريعية لم تحاول يوماً تطبيق محاسبة حقيقية على أي من الجهات أو الأفراد المسؤولين عن المشكلة. وفوق ذلك تم التخلّص، بما يشبه المؤامرة، من الطرف الوحيد الذي حاول إصلاح الوضع الفاسد في وزارة الأشغال، وكلنا نتذكر المصير الذي لقيته وزيرة الأشغال السابقة جنان محسن رمضان في مجلس الأمة، عندما قام مجموعة من النواب «المعروفي الانتماء، بعدم الاكتفاء بإطاحتها، بل قاموا تالياً بملاحقة مختلف أجهزة الدولة لإعادة الاعتبار للجهات التي سبق أن أدانتها الوزيرة بالفساد، وهذا يؤدي بنا إلى الحقيقة الغائبة الثانية، وهي أن وزارة الأشغال العتيدة تعرف تمام المعرفة أسماء كل الشركات التي ساهمت في تنفيذ الطرق السيئة، وأسماء المصانع التي زوّدتها بالمواد غير الصالحة، وأسماء كل مراقبي ومشرفي الوزارة الذين «تسلّموا» تلك الأعمال السيئة من تلك الشركات الأكثر سوءاً، ومع هذا لم تقم بتوقيع أي عقوبات حتى على «فرّاش الوزارة»، بحسب التقليد الكويتي المعروف.

أما الحقيقة الثالثة، فتتمثل في محاولات وزيرة الأشغال اتباع مختلف الوسائل لمعالجة وضع الطرق المهترئ، سواء بزيارات بعض الدول أو بالاجتماع بالخبراء أو بممثلي شركات المقاولات، وآخرها الاجتماع «التاريخي» بسفراء وممثلي عدد من الدول الكبرى وطلب مساعدتهم في حل مشكلة الطرق، حيث كانت جميع هذه المحاولات عبارة عن مسرحية سمجة، الهدف منها كسب الوقت، وامتصاص النقمة، ولا شيء غير ذلك.

أما الحقيقة الرابعة، فإنها تعلقت بما أشيع عن اختيار أو فوز بضع شركات «عالمية» للقيام بأعمال صيانة الطرق، فهذه أيضاً كانت مسرحية أخرى! فأغلبية هذه الشركات ليست جديدة على السوق الكويتي، بل لها تواجد يعود إلى سنوات، وقامت بتنفيذ أعمال طرق عدة، ومن هذه الطرق ما نشكو الآن من سوء مصنعيتها. كما أن لها وكلاء محليين، وذات سجل معروف لدى الوزارة.

الحقيقة الخامسة: ما تسرّب مؤخراً عن اختيار الوزارة لشركة أميركية «عالمية» للبدء بتنفيذ مشاريع طرق منطقتي الجهراء وحولي، خبر غير دقيق وغير سار! فهذه الشركة غير معروفة خارج ولايتها، ولم يسبق أن نفذت أي أعمال طرق ضخمة، حسبما ورد على موقعها الإلكتروني!

الحقيقة السادسة: عملية إصلاح طرق الدولة ليست عملية منفصلة عن إصلاح كامل جهاز الدولة الإداري الفاسد في أغلبه، فمع استمرار هذا الفساد سيستمر خراب الطرق، وساذج من يعتقد عكس ذلك!

الحقيقة الأخيرة: لن نحصل على طرق جيدة وخالية من العيوب المصنعية بغير شركات جيدة، والأهم من ذلك أن تؤدي هذه الشركات أعمالها بموجب مواصفات عالمية، والأكثر أهمية من هذا وذلك أن يشرف على أعمالها مشرفون حكوميون يعملون بأمانة كاملة، فبغير أمانة هؤلاء، فإن كل كلام عن الاستعانة بشركات عالمية أو شركات من المريخ، كلام فارغ!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top